|
اخبار محلية
لا تقصص رؤياك .. الرؤيا خاصة وحكر على الأنبياء فقط،
(لا تقصص رؤياك) *- شبوة برس – أ. فيصل بن ماجد السبيعي إن ظاهرة الأحلام التي تراود البشر في نومهم لَهِيَ لغزٌ محيّر: كيف تحدث؟ ولماذا تحدث؟ ومن الذي يبعث بالرسائل للنائم؟ ولماذا تتحول بعض الأحلام إلى حقيقة؟! وقد شغلت الأحلام الأولين والآخِرين، حيث كانت لهم حولها أقاويل وآراء وكتب، إلا أن أشهر كتاب على الإطلاق هو كتاب "تفسير الأحلام" المنسوب - خطأً - للتابعي ابن سيرين، حيث لم تذكر المصادر المعتمدة التي أرّخت للشخصيات العامة (كتب السِّيَر) أن لابن سيرين أيّ مؤلفات، ناهيك عن أن المنهج الذي قام عليه الكتاب هو منهج غير صائب؛ لأنه يقرر أن من رأى كذا فسيصيبه كذا، وهذا الإطلاق غير صحيح. كما أن الغيب لا يعلمه إلا الله، ولم يذكر الله في كتابه أنه يمكن أن يُطلِعَ الناس على الغيب، لا عبر الأحلام ولا غيرها، خلا ما أوحاه في كتبه لرسلة الكرام، قال سبحانه: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاء) آل عمران 179. وكما شغلت ظاهرة الأحلام العرب فإنها شغلت الغرب أيضًا، ومن أشهر من كتب في ذلك عالم النفس الأشهر "سيجموند فرويد" في كتابه الذي يحمل نفس اسم الكتاب المنسوب لابن سيرين "تفسير الأحلام"، إلا أن "فرويد" قد عَزَا الجزءَ الأكبر من الأحلام إلى الكبت الجنسي، وهو خطأ منهجي وقع فيه؛ لأن جُلَّ من كان يتطبّب عنده هُنَّ من نساء الطبقة الأرستقراطية والبرجوازية، واللائي انشغل عنهن أزواجهن، فقام بتطبيق نتائج علاجه لأولئك النسوة على الجميع. واستطرادًا أقول إن "فرويد" قد بالغ في عَزْوِ أي خلل نفسي إلى الجنس، فتراه عند ممارسته للتحليل النفسي - وهو مبتكر مدرسة التحليل النفسي - يَخلُص إلى أن العلة في المريض هي علة متعلقة بالجنس، ومن هنا نشأت نظريتَا "عقدة أوديب" و "عقدة إليكترا". ويجب أن نفرّق بين الأحلام والرؤى؛ فالأولى عامة لجميع الناس، أما الثانية فهي – قطعًا لا ظنًّا - حكر على الأنبياء فقط، حيث تعتبر جزءًا من الوحي، وكما في الحديث: "الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" (البخاري، 6988). ويردد كثيرون هذا الحديث دون أن يعلموا لماذا "ستة وأربعون"!! ولهؤلاء نقول إن الرسول الأعظم كانت تتكرر في منامه الرؤى وتتحقق واقعًا، وقد امتد ذلك مدة ستة أشهر تسبق تشريف الله له بالنبوة والرسالة مباشرة، وحيث إنه - عليه الصلاة والسلام - قد مكث نبيًّا ورسولًا في حياته الشريفة مدة ثلاث وعشرين سنة؛ فإن الستة أشهر تعتبر جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من السنوات الثلاث والعشرين. وتأسيسًا على ذلك، فإن الرؤى خاصة بالأنبياء، ولا ينبغي أن يزعم أحد أن ما رآه هو رؤيا ويستشهد بهذا الحديث ويساوي نفسه بالأنبياء؛ إذا لا دليل - ألبتة - على أن ما رآه هو رؤيا لا ضِغثًا من أضغاث الأحلام. وحتى وإن زعم الزاعمون وجود أمارات وإشارات يتم على ضوئها الحكم على ما رُؤِيَ في المنام أكان رؤيا أم مجرد حلم؛ فلم يرد في القرآن ولا السنة ما يشير- ولو عرضًا –إلى تلك الأمارات المزعومة. غير أنه يمكن لغير الأنبياء من الناس – مسلمين وغير مسلمين - أن يروا الرؤى، ولكنهم لا يستفيدون منها شيئًا إلا إذا عَبَرَ الرؤيا أحد الأنبياء؛ لأن عَبْرَ الرؤى من قِبَل الأنبياء هو قول حق لا يتطرق إليه الشك. وحيث إن الأنبياء جميعًا قد تُوُفُّوا؛ فقد بطل ادعاء أي أحد بأنه أولًا يستطيع أن يَمِيزَ الحلم عن الرؤيا، وثانيًا بأنه يستطيع أن يَعبُرَ تلك الرؤيا. وبناءً على ذلك؛ فإن جميع محاولات عَبر الأحلام باعتبارها رؤى - سواءٌ في التلفاز أو منصات التواصل الاجتماعي أو مواقع شبكة المعلومات - هي محض تضييع للوقت، ولا طائل من ورائها، وليست هناك أي فائدة يمكن الحصول عليها من هذه الفوضى. ولنفترض أن هناك شخصين رَأَيا حلمًا، وأن أحدهما اشتغل بذلك الحلم ومَلَكَ عليه لُبَّهُ ولم تهدأ نفسه حتى زعم أحد الزاعمين أن حلمه رؤيا ولها معنى وأخبره بالمعنى، بينما تناسى الشخص الآخر حلمه تمامًا وتجاهله بالكليَّة. والآن يبرز سؤال: ما الذي ربحه الشخص الأول وما الذي خسره الشخص الثاني؟ والحق أن الجواب هو "لا شيء"؛ فلم تُغيّر الرؤيا المزعومة من المستقبل شيئًا، ولم يستفد الشخص المهووس بها أي شيء، كما لم يضر الشخصَ العاقلَ تجاهلُه للحلم والمُضِيّ في حياته بصورة طبيعية. وأما عن رأيي الشخصي؛ فإنني أرى أن الأحلام هي نتاج واضح للعقل الباطن، حيث ينشط هذا العقل –العظيم الجبروت - كثيرًا خلال النوم، ويقوم بوضع "سيناريوهات" محتملة لبعض الأمور المستقبلية، وقد يحدث - مصادفةً - تحقُّق ما اقترحه العقل الباطن بخصوص المستقبل. أما الرؤى، فقد اتفقنا على انقضاء فاعليتها بعد موت جميع الأنبياء؛ لأنهم هم الذين تُعتبر أحلامهم رؤى، وهم الذين يَمِيزون الأحلام من الرؤى، ويَعبُرُون الرؤى دون أدنى خطإٍ ولو كان ضئيلًا، بينما يخفق غيرهم في الجزم بصحه عَبرِه المزعوم، فضلًا عن التفريق بين الحلم والرؤيا. وفي التنزيل العزيز، يخبرنا الله تعالى عن قصة أبينا إبراهيم عليه السلام، وأن الله أمره بأمرٍ في رؤيا، وقد لزمه تنفيذ الأمر؛ لأن رؤى الأنبياء حق، إذ قال – سبحانه – حكايةً لحوار إبراهيم مع ابنه: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين) الصافات 102. وكذلك الرؤيا الأشهر، وهي رؤيا النبي الكريم بن الكرام يوسف عليه السلام، والتي أخبر بها أباه بقوله - كما ذكر الله في كتابه - : (يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين) يوسف 4. وأيضًا قيامه عليه السلام بِعَبر رؤيا الملك حول البقرات والسنبلات، والتي ذكرها الله في كتابه حكايةً عن الملك الذي قال: (إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَأي إن كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون) يوسف 43، إذ قال يوسف كما ذكر الله حكايةً عنه: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون) يوسف 47-49. ولو لم يقم النبي يوسف بِعَبرها؛ لكانت مجرد حلم من الأحلام. وقد أخفق السحرة والمنجمون من حاشية الملك في عَبر تلك الرؤيا، وبرروا خيبتهم بأنها ليست سوى أضغاث أحلام (أي أخلاط أحلام). وختامًا، أتوجه بالنصح لإخواني وأخواتي القراء، أن يتجاهلوا جميع ما يرونه في نومهم، وألّا تَشغلهم تلك الأخاييل التي يأتيهم بها عقلهم الباطن؛ إذ لا فائدة ترجى - على الإطلاق - من البحث والتنقيب وراءها، واعتبارِها أمرًا جَلَلًا تترتب عليه نتائج ذات أهمية في حياتهم. والحقيقة أن هذا هو المنهج النبوي في كيفية التعامل مع الأحلام؛ حيث وجَّه الرسول الأعظم مَن رأى حلمًا مفزعًا ألّا يحدّث به أحدًا وأن ينساه لأنه لن يضره، وعليه فإن من يلهثون خلف من يُزعَم أنهم عابرون للرؤى ليَعرِضوا عليهم رؤاهم المخيفة، هم قوم قد خالفوا أمر نبيهم وشَغلوا أنفسهم بما لا فائدة فيه. وأما إن كان الحلم عاديًّا وغير مفزع، فإن الرسول الأعظم لم يوجّه بشيء، وترك الأمر للإنسان نفسه؛ إن أراد الاستبشار بهذا الحلم فهو حُرّ، وإن أراد تجاهُلَه فهو حُرّ، ولكن لم يأمر الرسول من رأى حلمًا عاديًّا أن يعرضه على العابرين ويرتّب على ذلك أفعالًا، وهو الأمر الذي وقع في وَحلِهِ غُلاة بعض الطوائف الإسلامية، حيث يعتبرون الأحلام مصدرًا من مصادر الإلهام الإلهي، ويرتّبون على ذلك أفعالًا من الإقدام أو الإحجام في أمور حياتهم، وهو ما أدى إلى زيادةٍ في ضلالهم، وهم أصلًا في ضلال مبين.
مشاهدة لا تقصص رؤياك .. الرؤيا خاصة وحكر على الأنبياء فقط،
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ لا تقصص رؤياك .. الرؤيا خاصة وحكر على الأنبياء فقط، قد تم نشرة ومتواجد على شبوه برس وقد قام فريق التحرير في مصادر 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.