ميكرو آر إن إيه.. «العين الإخبارية» تشرح أهمية اكتشاف كرمته نوبل 2024 (خاص)

تخيل الحمض النووي الخاص بك يشبه مكتبة ضخمة مليئة بالكتب، حيث يمثل كل كتاب جينا، وتحتوي كل خلية في جسمك على نسخة من هذه المكتبة بالكامل، لكن أنواع مختلفة من الخلايا تحتاج فقط إلى كتب معينة للعمل.

 على سبيل المثال، قد تحتاج خلية العضلات إلى فتح كتب "القوة"، بينما تحتاج الخلية العصبية إلى كتب "الإشارات"، الآن، إذا فتحت كل خلية كل الكتب، فسيؤدي ذلك إلى حدوث فوضى، مثل محاولة قراءة جميع الكتب في مكتبة في وقت واحد، لذا، تحتاج الخلايا إلى طريقة لاختيار الكتب بعناية وتحديد متى تقرأها.

ويأتي دور تنظيم الجينات، في هذه الحالة، والذي يمكن تشبيهة بأمين مكتبة يساعد في تحديد الكتب ذات الصلة بكل خلية، واكتشف فيكتور أمبروس وجاري روفكون، الحائزان على نوبل عام 2024، نوعا جديدا تماما من أمناء المكتبات، وهو الحمض النووي الريبوزي الدقيق (ميكرو آر إن إيه).

ويقول تامر سالم الأستاذ في الشعبة الطبية بمدينة زويل للعين الإخبارية إن "(ميكرو آر إن إيه)، يشبه الملاحظات اللاصقة التي يضعها أمين المكتبة على كتب معينة، للإشارة إلى أنه لا ينبغي قراءة هذه الكتب الآن، وبهذه الطريقة، يساعد الـ (ميكرو آر إن إيه) في التحكم في الجينات (أو الكتب) النشطة في كل خلية، مما يضمن تركيز خلايا العضلات على كتب (العضلات) وتركيز خلايا الأعصاب على كتب (الأعصاب)".

ويضيف: "على سبيل المثال، عندما تتشكل خلية عضلية، قد تضع (ميكرو آر إن إيه) ملاحظات لاصقة على الجينات التي تحتاجها مما يضمن أن تقرأ خلية العضلات الجينات المرتبطة بها فقط، وبدون هذه الملاحظات اللاصقة، قد تنتهي الخلية إلى قراءة الجينات الخاطئة وعدم عملها بشكل صحيح، فالأمر أشبه بمحاولة طهي وجبة من وصفة خاطئة، حيث ستحصل على طبق لا معنى له".

وكان اكتشاف أمبروس وروفكون، مفاجئا لأنه قبل هذا، اعتقد العلماء أنهم اكتشفوا بالفعل كيفية عمل تنظيم الجينات، وكان الأمر كما لو كانوا يعتقدون أنهم يعرفون كل الطرق التي ينظم بها أمناء المكتبات الكتب، وفجأة تم اكتشاف ملاحظات (ميكرو آر إن إيه) اللاصقة ، مما يدل على وجود طبقة جديدة تماما من التحكم في المكتبة.

ويقول سالم: "اليوم، نعلم أن (ميكرو آر إن إيه) تساعد في ضبط نشاط آلاف الجينات، والتأكد من أن خلايانا تتصرف بشكل صحيح، وعندما تسوء هذه العملية، فقد يؤدي ذلك إلى أمراض مثل السرطان أو السكري، ولهذا السبب فإن اكتشافها مهم للغاية لفهم كيفية عمل أجسامنا".