الصحة في 2024.. فيروسات مستجدة وأوبئة مستمرة

كان مشهد الصحة العامة العالمي في عام 2024، شاهدا على تحديات كبيرة ناتجة عن تفشي الأمراض والفيروسات التي طافت العديد من المناطق.

وظهرت خلال العام تهديدات صحية جديدة، بينما استمرت الأمراض القديمة في التفشي مجددا، مما زاد من تعقيد الوضع الصحي في العالم.

فمن فيروس جدري القرود الذي عاد إلى الواجهة، إلى سلالات جديدة من الفيروسات التاجية التي أثارت القلق، مرورا بتفشي أمراض مثل حمى الضنك والإنفلونزا، كانت السنة مسرحاً لتطورات مثيرة في عالم الفيروسات.

ولم تقتصر هذه التحديات على الأوبئة المستمرة فقط، بل أيضا على ظهور فيروسات جديدة يتم اكتشافها بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، ما يرفع من مستوى اليقظة الصحية العالمية.

وهذا العام، كما السنوات السابقة، أكد ضرورة التعاون الدولي والمراقبة المستمرة للحفاظ على صحة المجتمعات وحمايتها من أي تهديدات صحية قد تتفاقم وتتحول إلى أوبئة عالمية.. وهذه أبرز ملامح المشهد:

في عام 2024، شهد فيروس جدري القرود عودة ملحوظة في بعض المناطق، حيث أثار ظهور سلالة جديدة للفيروس في بعض الدول الأفريقية، مثل الكونغو، قلقاً دولياً.

وهذه السلالة الجديدة كانت تتميز بقدرتها على التسبب في أعراض شديدة، ويُحتمل أن تكون أكثر شدة من السلالات السابقة، كما أن اكتشاف إصابات في مناطق أخرى خارج أفريقيا، مثل تايلاند والسويد، أظهر أن الفيروس قد يمتد إلى مناطق جديدة، وتتطلب مكافحة هذا المرض تكثيف الجهود في التطعيم والوعي العام.

 عادت الحصبة للانتشار في عدة أنحاء من العالم، خاصة في أوروبا، حيث تراجعت معدلات التطعيم إلى أقل من 90%، مما أدى إلى حدوث تفشيات في دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا والنمسا، ويرجع ذلك جزئيا إلى تعطيل برامج التطعيم بسبب جائحة "كوفيد 19".

ازدادت حالات الإصابة بحمى الوادي بسبب الطقس القاسي وتغير المناخ، ويعد هذا المرض الفطري أكثر شيوعا في المناطق التي تشهد عواصف غبارية متكررة مثل أجزاء من جنوب غرب الولايات المتحدة.

 ورغم أن المرض غير معدٍ، إلا أن الأشخاص المعرضين للغبار، مثل العمال في الهواء الطلق، أصبحوا أكثر عرضة للإصابة.

 تزايدت حالات الإصابة بحمى الضنك بشكل كبير في عام 2024، لا سيما في أمريكا اللاتينية وآسيا، وكان ذلك بسبب تأثير التغير المناخي على توزيع الأمراض، والذي ناقشته العديد من الدراسات، حيث إن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة تسهم في تكاثر البعوض الناقل لهذا الفيروس.

كما أن زيادة النشاطات السياحية والحركة العالمية تسهم في نشر المرض عبر الحدود.

ازداد عدد حالات الإصابة بالسل في العديد من البلدان، خصوصا في المناطق التي تعاني من ضعف البنى التحتية للرعاية الصحية.

ويحذر الخبراء الصحيون من أن تأثير جائحة "كوفيد 19" على الأنظمة الصحية أدى إلى تأخيرات في التشخيص والعلاج، مما فاقم الوضع.

 شهد العالم تفشيا حادا لفيروسات الإنفلونزا، خاصة في أوروبا وآسيا، ومع عودة الفيروسات التنفسية لتسبب مشاكل صحية أكبر، ازدادت الحالات بشكل خاص بين كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة.

 كما أن التغيرات المناخية قد ساهمت في توزيع الفيروس بشكل أوسع، مما جعل الوقاية والعلاج أكثر تعقيدا.

 رغم التقدم الكبير في العلاج والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، إلا أن هذا الفيروس لا يزال يشكل تهديدا في بعض المناطق، وفي عام 2024، سجلت بعض الدول زيادات ملحوظة في عدد الحالات الجديدة، خاصة في الأماكن التي تعاني من نقص في الرعاية الصحية أو التي تواجه تحديات اجتماعية كبيرة.

وتسعى المنظمات الصحية لمكافحة هذا الفيروس من خلال حملات توعية وتوفير الأدوية اللازمة.

 في عام 2024، تم اكتشاف العديد من الفيروسات الجديدة باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي والبحث الجيني، وعلى الرغم من أن معظم هذه الفيروسات لا تشكل تهديدا مباشرا للبشر، إلا أن البعض منها قد يكون لها تأثيرات صحية على المدى البعيد، إذا تطورت لتصبح قابلة للإصابة بالبشر، وهذا يبرز أهمية المراقبة المستمرة والبحث العلمي في مواجهة الأمراض الناشئة.