من السلام للحرب.. أمريكا بين رئيسين وسياستين

رسميا لا يزال للولايات المتحدة رئيس واحد هو جو بايدن لكن الرئيس المنتخب دونالد ترامب أطلق سياسته الخارجية.

وقبل أن يؤدي اليمين أعلن ترامب الحرب التجارية على كندا والمكسيك والصين مع إعلانه أنه سيفرض رسوما جمركية في اليوم الأول من إدارته وبعدها أعلن بايدن عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.

وعلقت  صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قائلة "هذه هي أمريكا في وقت الانتقال تصنع السلام وتعلن الحرب مع وجود رئيسين يقودان البلاد في اتجاهين مختلفين، أحدهما رسمي، والآخر غير رسمي.. أحدهما يمثل الماضي والحاضر، والآخر المستقبل وهو ما يفرض حالة من الارتباك والحيرة على الزعماء الأجانب ما بين محاولة إنجاز شئ مع رئيس تنتهي ولايته أو الاستعداد لخليفته".

وقالت سوزان مالوني، مديرة برنامج السياسة الخارجية في مؤسسة بروكينغز "تؤدي عمليات الانتقال دائمًا إلى تحول في الزخم إلى الفريق الجديد، لكن هذه المرة تبدو أكثر وضوحًا من أي انتقال".

وأضافت "يحاول الزعماء حول العالم الاستفادة من اللحظة لمحاولة كسب ود ترامب في وقت لا يزال من الممكن فيه تشكيل أجندته".

قد تكون تهديدات التعريفات الجمركية مجرد موقف تفاوضي بشكل مبدئي، حيث يسعى ترامب إلى الضغط لإجبار الشركاء على وقف تدفق المهاجرين والمخدرات، لكنها كشفت عن حجم التغيير الذي أحدثته الانتخابات.

وباستهداف كندا والمكسيك والصين، اختار ترامب أكبر 3 شركاء تجاريين لأمريكا، مما يشير إلى فترة جديدة من الاحتكاك على خلاف جهود بايدن للتوافق خلال السنوات الأربع الماضية.

قد تكون عواقب هذه الحرب وخيمة فالرسوم الجمركية هي ضرائب على السلع المستوردة وسيتم تمريرها إلى حد كبير إلى المستهلكين وإذا نفذ ترامب تهديداته فقد يواجه الأمريكيون جولة متجددة من التضخم الذي مازال يؤثر على حياتهم.

وقال دانييل م. برايس، المستشار الاقتصادي الدولي للرئيس الأسبق جورج دبليو بوش إن ترامب يبدو أنه يهدد بفرض التعريفات الجمركية لانتزاع التنازلات.

أما ميريام سابيرو، القائمة بأعمال الممثل التجاري في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما فقالت، "من غير المعتاد، ولكن ليس من المستغرب، أن يرغب ترامب في التحرك بسرعة لأنه لا يستطيع الترشح مرة أخرى، ولن يكون لديه سوى عامين من السلطة الحقيقية إذا فقد الجمهوريون السيطرة على الكونغرس في 2026".

وأضافت "لكن الإعلان المبكر عن خططه يمنح الدول الأخرى، فضلاً عن الشركات الأمريكية والأجنبية، مزيدًا من الوقت لتنظيم تحركاتها".

لا يقتصر الأمر على الاقتصاد فقد سمح ترامب لحليفه الملياردير إيلون ماسك بفتح مناقشات مع إيران، متجاوزًا الإدارة الحالية كما تردد أن الرئيس المنتخب أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغم نفي الكرملين لذلك.

وأصر مستشار ترامب للأمن القومي مايكل والتز، على أن الرئيس المنتخب لا يحاول العمل في صراع مع الرئيس الحالي مشيرًا إلى أنه التقى بجيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن.

وأضاف والتز في برنامج "فوكس نيوز صنداي" أنه "بالنسبة لخصومنا الذين يعتقدون أن هذا هو وقت الفرصة التي يمكنهم من خلالها اللعب بإدارة ضد الأخرى، فهم مخطئون ونحن متماسكون.. نحن فريق واحد مع الولايات المتحدة في هذا الانتقال".

ومع إعلان بايدن وقف إطلاق النار في لبنان بعد أشهر من الوساطة الأمريكية المضنية، حاول والتز أن ينسب الفضل لترامب فكتب على وسائل التواصل الاجتماعي "الجميع يأتون إلى الطاولة بسبب الرئيس ترامب. لقد أرسل انتصاره الساحق رسالة واضحة إلى بقية العالم مفادها أن الفوضى لن يتم التسامح معها".

لم يجرِ فريقا بايدن وترامب سوى مشاورات عابرة منذ الانتخابات لأن الرئيس المنتخب، لم يوقع إلا الثلاثاء الماضي على مذكرات تفاهم فترة الانتقال.