• دليل المواقع

  • عربي ودولي

    إيرلندا والقوة العسكرية الغائبة.. هل تكسر «القفل الثلاثي»؟


    921 قراءه

    2024-11-28 10:38:51
    160

    تسير إيرلندا في ممر محاط بثروة هائلة وقوة عسكرية ضعيفة وتهديدات وحياد، ما يمنحها معادلة دفاعية مهتزة للغاية، يرى كثيرون ضرورة تغييرها.

    في الثالث من فبراير/شباط 2022، أي قبل ثلاثة أسابيع فقط من هجوم روسيا على أوكرانيا، أجرت البحرية الروسية تدريبات غامضة في موقع مفاجئ قبالة الساحل الإيرلندي.

    وجرت التدريبات مباشرةً فوق نقطة مكتظة بكابلات البيانات عبر المحيط الأطلسي، والتي يمر ثلاثة أرباعها بالقرب من إيرلندا.

    ووفق مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، لم تكن هذه المناورات روتينية، ولم تطلب روسيا الإذن بإجرائها، لكن الحادث كشف عجز إيرلندا عن ردع الهجمات على المياه الواقعة داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة.

    وعلى الرغم من كونها جزيرة، إلا أن إيرلندا لم تطور قط دفاعًا يتناسب مع ثروتها أو أهميتها للاقتصاد العالمي. فأسطولها البحري يضم ست سفن صغيرة، وسلاحها الجوي - الذي لم يكتمل بعد كقوة جوية كاملة - لا يملك طائرات مقاتلة.

    وأظهرت المناورات الروسية مدى أهمية إيرلندا للاقتصاد الأوروبي، مما يجعلها هدفًا لـ"التحرش العسكري الروسي".

    كما أن دورها في البنية التحتية الدولية لنقل البيانات يضعها في قلب المسرح الاستراتيجي الأوروبي بطريقة لم تكن كذلك خلال الحرب الباردة.

    وبالنظر إلى هذا الواقع الجديد - وحقيقة أن السكان المهاجرين في إيرلندا اليوم، لديهم روابط قوية مع البلدان الأكثر تهديدًا من قبل روسيا- تحتاج إيرلندا إلى إعادة التفكير بشكل كبير في خططها الدفاعية، بحسب "فورين بوليسي.

    ولكن القيام بذلك سيتطلب التخلي عن بعض الأفكار التي حكمت لفترة طويلة تصور إيرلندا لأمنها.

    وعلى الرغم من أنها متحالفة سياسياً مع الولايات المتحدة منذ استقلالها عام 1921، إلا أن إيرلندا أعلنت الحياد العسكري عند اندلاع الحرب العالمية الثانية.

    في ذلك الوقت، كان من شأن الانحياز العلني إلى جانب الحلفاء المخاطرة بغزو ألماني وغزو بريطاني مضاد، ولم يكن بوسع الدولة الجديدة، التي كانت مستقلة لمدة 18 عاماً فقط، أن تأمل في صد أي منهما.

    وتطور هذا الحياد الضيق في نهاية المطاف إلى حياد أوسع نطاقًا خلال الحرب الباردة، يهدف إلى وضع إيرلندا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، على الرغم من معاداة سكانها الكاثوليك للشيوعية.

    "حكمة تقليدية"

    أصبحت الفكرة القائلة بأن حياد إيرلندا في الحرب العالمية الثانية منعها من الانضمام إلى تحالف عسكري مثل حلف شمال الأطلسي في نهاية المطاف حكمة تقليدية في إيرلندا.

    ولكن هذه كانت خرافة. فعلى الرغم من أن إيرلندا لم تنضم إلى حلف "الناتو"، إلا أن سبب عدم انضمامها كان خلافها مع المملكة المتحدة حول السيطرة على إيرلندا الشمالية، وليس معارضتها لتحالف مناهض للشيوعية.

    في الواقع، اقترحت إيرلندا معاهدة دفاعية منفصلة وملزمة مع الولايات المتحدة في عام 1949. وفي تبادل للرسائل مع المسؤولين في واشنطن في ذلك العام، أصرت الحكومة الإيرلندية على أن إيرلندا ”ظلت، إلى حد كبير أكثر من أي دولة أوروبية أخرى، محصنة من انتشار الشيوعية. ... [و] تتفق الحكومة الإيرلندية مع الهدف العام للمعاهدة المقترحة“، وفق ما نقلته فورين بوليسي.

    وعلى الرغم من عدم وجود أي تقليد بعدم الانضمام إلى التحالفات العسكرية، إلا أن إيرلندا تبنت هذا الموقف في وقت لاحق. إذ تم إحياء المبدأ الذي طُبق خلال الحرب العالمية الثانية خلال الحرب الباردة لتعزيز شرعية إيرلندا في المبادرات الدبلوماسية مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وفي بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام بين الستينيات والثمانينيات.

    ومنح الحياد إيرلندا قوة ناعمة كبيرة وسمح لها بتقديم نفسها على أنها أوروبية ومناهضة للاستعمار.

    "جدل نيس"

    عاد الجدل مرة أخرى بعد بضعة عقود، عندما بدأ الاتحاد الأوروبي في تطوير مكون عسكري من خلال معاهدة نيس في عام 2001، ثم معاهدة لشبونة في عام 2007.

    في إيرلندا، جادل المعارضون بأن تبني المعاهدتين سيلزم إيرلندا بالانضمام إلى تحالف عسكري أوروبي. ولتبديد مثل هذه المخاوف، ولضمان قدرتها على التصديق على معاهدة 2007، حصلت إيرلندا على خيار الانسحاب من الدفاع الأوروبي المشترك الذي سمح لها بالاحتفاظ بحق النقض (الفيتو) على نشر قواتها الخاصة، 

    وبالإضافة إلى الانسحاب من الدفاع الأوروبي، زادت إيرلندا من الثقل السياسي لسياسة طويلة الأمد بشأن نشر قواتها أصبحت تعرف فيما بعد باسم ”القفل الثلاثي“، وتمنع نشر الجيش الإيرلندي في الخارج ما لم يتم استيفاء ثلاثة شروط: قرار من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرار رسمي من الحكومة الإيرلندية، وقرار من مجلس النواب في البرلمان.

    ومع ذلك، فإن هذا القيد ضيق النطاق، وهو لا يمنع إيرلندا من الانضمام إلى مشاريع مشتركة، مثل مبادرة التعاون العسكري "PESCO" التابعة للاتحاد الأوروبي، ولا يعفيها من التزامات الدفاع المشترك.

    واليوم، لا تزال إيرلندا واحدة من أربع دول فقط في الاتحاد الأوروبي ليست أعضاء في حلف الناتو.

    وعلى الرغم من أن جيرانها قد تسامحوا مع عدم عضوية إيرلندا، إلا أنهم الآن أكثر قلقًا من عدم قدرة البلاد العملية على الدفاع عن نفسها ضد المضايقات الروسية.

    تغييرات على قدم وساق

    وإذا كانت عضوية الناتو لا تزال خارج جدول الأعمال السياسي في الوقت الراهن، فإن التغييرات في سياسة الانتشار والإنفاق الدفاعي في إيرلندا تسير على قدم وساق.

    ومن المقرر سن تشريع جديد لإلغاء شرط مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من القفل الثلاثي، لأن إيرلندا لا تريد أن تكون روسيا أو الصين قادرة على استخدام حق النقض (الفيتو) ضد نشر قواتها.

    وتتضمن المقترحات لاستبدال هذا الجزء من القفل الثلاثي اشتراط موافقة ”منظمة إقليمية“ فقط، والتي من الواضح أنها تشمل الاتحاد الأوروبي، ولكن يمكن أن تشمل حلف شمال الأطلسي أيضًا.

    ومع ذلك، فإن هذه التغييرات في الموقف الإيرلندي، المتوقع حدوثها في العام المقبل، لم تقابلها حتى الآن تغييرات كافية في ميزانية الدفاع.

    فقبل الحرب في أوكرانيا، أجرت إيرلندا مراجعة لموقفها الدفاعي وحددت ثلاثة مستويات من الطموح، أو ما يعرف ب”LOAs“ لقواتها الدفاعية.

    ولم تتمكن الحكومة الحالية إلا من الحصول على دعم لتبني ما يعرف بـ"خطاب النوايا"، والذي سيوفر ميزانية دفاعية بقيمة 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) بحلول عام 2028.

    وسترفع هذه الخطة نفقات الدفاع إلى 0.56 في المئة من الدخل القومي الإجمالي، مقارنة بـ0.42 في المئة في السابق، أي أن الزيادة طفيفة للغاية.

    "ليست كافية"

    من المقرر أن تجري إيرلندا انتخابات غدا الجمعة، وإذا أثبتت استطلاعات الرأي صحتها، فمن المرجح أن يفوز حزب "فاين غايل"، وهو الحزب الأكثر تأييدًا لإصلاح الدفاع.

    وعلى الرغم من أنه سيحتاج إلى دعم من شريكه الحالي "فيانا فيل" وربما أيضًا حزب الخضر للحصول على أغلبية برلمانية. ستواجه مثل هذه الحكومة ضغوطًا بسبب الوضع الدولي الأكثر خطورة، وكذلك من الحلفاء الذين يشعرون أن إيرلندا الغنية يجب أن تقدم مساهمة أكبر في الدفاع.

    وهذا من شأنه أن يدفع إيرلندا إلى طلب طائرات مقاتلة وزيادة حجم القوات البحرية من ست سفن إلى 12 سفينة. كما سيؤدي إلى زيادة ميزانية الدفاع إلى 3 مليارات يورو (3.2 مليار دولار) سنويًا، أو 1.13 في المئة من الدخل القومي الإجمالي.

    ما المطلوب؟

    لكن هذه النسبة لا تزال بعيدة عن المطلوب في ظل الوضع الدولي الراهن، إذ إن نسبة 2 في المئة من الدخل القومي الإجمالي، ما يعادل ميزانية قدرها 5.3 مليار يورو (5.6 مليار دولار) سنوياً، وهي تقريباً نفس الميزانية العسكرية لفنلندا، ستكون واقعية.

    ووفق فورين بوليسي، يجب إعطاء الأولوية لمهام الدفاع البحري والمعدات التي يمكن أن تكون ذات فائدة لحماية البحار الأوروبية وكذلك بحار إيرلندا، بما في ذلك الحرب المضادة للغواصات والدفاع الجوي الحديث، وهو ما لا تمتلكه البلاد حاليًا.

    وأظهرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا الأهمية المتزايدة للأنظمة غير المأهولة في الحرب البحرية، بما في ذلك الغواصات والطائرات البحرية بدون طيار، وكذلك الطائرات غير المأهولة، الضرورية لحماية البنية التحتية للطاقة المتجددة.

    ومع ذلك، فإن تبني مثل هذه السياسة الدفاعية سيتطلب من إيرلندا إقناع مواطنيها بحجة سياسية جديدة: دور البلاد في الأمن الأوروبي. فخلال الحرب الباردة، كان الجمع بين عدم الانحياز العسكري والاندماج السياسي في العالم الغربي منطقيًا بالنسبة لبلد فقير نسبيًا لا يزال تحت النفوذ البريطاني الثقيل.

    لكن ذلك الزمن قد ولى. وإذا كانت إيرلندا في القرن العشرين تركز بشكل أساسي على العالم الناطق بالإنجليزية، فإن إيرلندا في القرن الحادي والعشرين أصبحت الآن أكثر أوروبية بالتأكيد، بما في ذلك سكانها.

    ومثلما ساعدت حرية إيرلندا نفسها من خلال جالياتها في الولايات المتحدة، يجب أن تلتزم بحرية أوروبا الشرقية والوسطى (المهددان من روسيا) التي يعيش الكثير من جالياتها الآن في إيرلندا. وينبغي أن يعكس موقفها الدفاعي وميزانيتها الدفاعية هذا الواقع الأوروبي الجديد، وفق فورين بوليسي.

    aXA6IDIwOC4xMDkuMzIuMjEg جزيرة ام اند امز US


    مشاهدة إيرلندا والقوة العسكرية الغائبة.. هل تكسر «القفل الثلاثي»؟

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ إيرلندا والقوة العسكرية الغائبة.. هل تكسر «القفل الثلاثي»؟ قد تم نشرة ومتواجد على العين وقد قام فريق التحرير في مصادر 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.


    مصادر 24 قارئ إخباري مستقل حيث والمواد الواردة فيه لا تعبر عن رأي الموقع ولا يتحمل اي مسؤولية قانونية عنها  
    جميع الحقوق محفوظة لدى مصادر 24