«خريطة سوريا».. أين تقع حلب وما أهميتها الاستراتيجية؟

صعدت حلب إلى صدارة المشهد وعناوين الأخبار، وتزايد البحث عن موقعها في "خريطة سوريا"، إثر اشتباكات بين فصائل مسلحة والجيش السوري.

وفي وقت سابق يوم الجمعة، أعلنت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وفصائل مسلحة موالية لها السيطرة على خمسة أحياء في مدينة حلب كبرى مدن الشمال السوري.

وعلى الرغم من أنها لم تسيطر على كامل حلب، فإنها أعلنت حظر تجوال على المدينة بكاملها، قائلة في بيان صادر عنها إن الحظر سيبدأ من الحادية عشرة والنصف مساء الجمعة وحتى الثامنة من صباح السبت، مطالبة المواطنين في المدينة بضرورة الالتزام بقرارها.

في المقابل، نفى التلفزيون الرسمي السوري وصول عناصر الفصائل المسلحة، إلى المدينة، وقال إن روسيا تقدم للجيش السوري دعما جويا.

فيما قال الجيش السوري، إنه يواصل التصدي لهجوم الفصائل المسلحة. وذكر في بيان أنه كبد الفصائل المسلحة، خسائر فادحة في ريفي حلب وإدلب.

بدورها، أفادت وسائل إعلام تابعة للحكومة السورية، فإن الطيران الحربي السوري شن غارات مشتركة مع الطيران الروسي، على تحركات المليشيات المسلحة في محيط مدينة مارع شمالي حلب، مشيرة إلى غارات مشابهة على مواقع للمسلحين في محيط البارة وبينين في جبل الزاوية جنوبي إدلب.

وقال مركز التنسيق الروسي في سوريا، في بيان صادر عنه، إن سلاح الجو الروسي يساند الجيش السوري في عملياته «في مكافحة الإرهابيين»، مشيرا إلى «مقتل أكثر من مئتي إرهابي اليوم بريفي حلب وإدلب».

جغرافيا، تقع محافظة حلب في الجزء الشمالي من البلاد وتحدها تركيا من الشمال ومحافظة الرقة من الشرق ومحافظة إدلب من الجنوب الغربي.

وتبلغ مساحة محافظة حلب 18.5 ألف كيلومتر مربع، وهي تشكل نحو 10 في المئة من إجمالي مساحة سوريا.

وتعد حلب أكبر المحافظات السورية من حيث عدد السكان الذي يزيد على 5 ملايين نسمة من بين 23 مليونا هو عدد سكان البلاد.

عاصمة المحافظة هي مدينة حلب التي كانت في السابق أكبر مدينة في سوريا والمركز الصناعي والمالي للبلاد، وكان يُطلق عليها جوهرة سوريا.

ومن بين أهم المدن في المحافظة عفرين، وإعزاز، وجرابلس، وتل رفعت، والسفيرة، ومنبج، وعين العرب.

تاريخيا، تُعد مدينة حلب عاصمة المحافظة واحدة من أقدم وأعرق المدن في العالم، وورد ذكرها في النصوص المصرية من القرن العشرين قبل الميلاد، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وجرى العثور على بقايا معبد يعود تاريخه إلى نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد في موقع قلعة حلب الشهيرة التي تعود إلى العصور الوسطى وكانت بمثابة معقل دفاعي لعدة قرون.

وفي القرن الثامن عشر قبل الميلاد، ازدهرت حلب سياسيا واقتصاديا باعتبارها عاصمة مملكة يمحاض، حتى سقطت في أيدي الحيثيين.

وفي فترة لاحقة، أصبحت حلب مدينة مهمة في العصر الهلنستي ومركزًا تجاريًا رئيسيًا للتجار الذين يمرون بين البحر الأبيض المتوسط والأراضي الواقعة إلى الشرق.

وفي نهاية المطاف، تم ضم المدينة إلى الإمبراطورية الرومانية ثم ازدهرت كمركز لحركة القوافل في ظل الحكم البيزنطي.

في عام 636 بعد الميلاد، فتحت الجيوش العربية الإسلامية حلب. وبعد حوالي 80 عامًا، في عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، جرى بناء مسجدها الكبير.

وبداية من القرن العاشر، عانت حلب من فترة من الحرب والاضطرابات، حيث قاتلت الإمبراطورية البيزنطية والصليبيون والفاطميون والسلاجقة من أجل السيطرة عليها وعلى المنطقة المحيطة بها.

ولم تتعاف حلب إلا في منتصف القرن الثاني عشر، ثم تمتعت بفترة من الازدهار والتوسع الكبير في ظل الحكم الأيوبي في القرن الثالث عشر.

لكن المدينة لم تغلق صفحة المعاناة، إذ انتهت فترة الازدهار فجأة في عام 1260، عندما استولى المغول على حلب. ثم عانت المدينة من تفشي الطاعون في عام 1348، وهجوم مدمر شنه تيمورلنك في عام 1400.

وفي عام 1516، أصبحت حلب جزءًا من الإمبراطورية العثمانية. وسرعان ما أصبحت عاصمة لولاية خاصة بها وبرزت كمركز تجاري بين الشرق وأوروبا.

وبعد استقلال سوريا، تطورت المدينة لتصبح مركزاً صناعياً كبيراً ينافس العاصمة دمشق، وزاد عدد سكانها بشكل هائل من 300 ألف نسمة إلى حوالي 2.3 مليون نسمة بحلول عام 2005.

ومنذ 2012، عانت حلب أوضاعا صعبة وقتال متجدد على فترات بين الجيش السوري وفصائل مسلحة بينها تنظيمات متطرفة، لتغلق دائرة تاريخية جديدة، إذ يعج تاريخ المدينة بفترات ازدهار تليها فترات اضطراب.