|
عربي ودولي
الإخوان في 2024.. أزمات تتفاقم وخلافات تدحض «سردية التسوية»
مزيد من الانقسامات والتفكك ضرب تنظيم الإخوان في عام 2024، ما فاقم أزماته، ودحض "سردية التسوية" التي ظل يروج لها قادته فيه. ومنذ نشب الخلاف الكبير بين جبهتي لندن (صلاح عبدالحق حاليا)، وإسطنبول (محمود حسين) أواخر عام 2020، لم يلتئم شمل الجماعة مرة أخرى، بيد أن العام الأخير كان مليئا بالأحداث الدراماتيكية التي مرت بها الجماعة. وبدأ عام 2024 بإعلان جبهة إسطنبول عن وثيقة الرؤية السياسية الخاصة بها في ذكرى أحداث 25 يناير/كانون الثاني، التي اتخذت منحى المواجهة، مشيرة في الوقت نفسه إلى العمل على المشاركة السياسية التعددية دون إقصاء أي فصيل سياسي. وعلى الرغم من أن اللجنة التي صاغت الوثيقة تلك ظلت تعمل عليها لفترة طويلة، جاء المُخرج النهائي ضعيفا ومكررا يشبه كل ما أصدرته الجماعة مؤخرا، إذ ركزت على الدعوة لتجاوز الاستقطاب السياسي وضرورة إطلاق سراح السجناء المنتمين لها. وهدفت جبهة إسطنبول من إعلان وثيقتها إلى التأكيد على أنها ستواصل العمل السياسي، ولن تتخلى عنه بعكس ما روجته (جبهة لندن) التي أعلنت من ذي قبل أنها مستعدة لاعتزال العمل السياسي مقابل إطلاق سراح السجناء المنتمين للجماعة.
على صعيد متصل، أصدر محمود حسين القائم بأعمال مرشد الإخوان-جبهة إسطنبول، بيانا، في 25 يناير/كانون الثاني 2024، قال فيه إن الجماعة ملتزمة بالعمل مع كل شركاء الوطن في مصر من أجل تحقيق مطالب الثورة في الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
على صعيد آخر، أنهت مصر وتركيا -منتصف فبراير/شباط 2024- قطيعة دامت نحو 10 أعوام، وزار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القاهرة والتقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي واتفقا على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، وفي أعقاب الزيارة، تحديدا في 19 فبراير/شباط، سرب نشطاء مقربون من جماعة الإخوان خبر سحب الجنسية التركية من القائم بأعمال مرشد الإخوان-جبهة إسطنبول محمود حسين، وهو الأمر الذي روج له إعلاميا ووصف بأنه تغيير في السياسة التركية في التعاطي مع جماعة الإخوان.
جاء قرار سحب الجنسية من محمود حسين بسبب مخالفة قانونية تتعلق ببيعه عقارا حصل جراء شرائه على الجنسية التركية دون التقيد بالمدة الزمنية التي تنص عليها القوانين التركية ذات الصلة.
وارتبط سحب جنسية القائم بأعمال مرشد الإخوان بتحقيقات تجريها السلطات التركية حول مافيا العقارات في البلاد، وجرى في إطار هذه التحقيقات سحب الجنسية من نحو 40 شخصا بينهم مصريون وسوريون ورجال أعمال روس، وبعد انتهاء هذه التحقيقات أُعيدت الجنسية لمحمود حسين، ما يعني أن القرار لم يكن ذا طابع سياسي بالأساس.
وبالتوازي مع ذلك، ألقت السلطات التركية القبض على الإعلامي بقناة الشرق المحسوب على جماعة الإخوان عماد البحيري منتصف يونيو/حزيران 2024، وتضاربت الأنباء حول سبب توقيفه، فقالت الإعلامية دعاء حسن زوجة أيمن نور إنه ألقي القبض عليه بسبب تقديم شكوى في حقه من قبل شخص سوداني، فيما نشر المخرج الإخواني ماجد عبدالله فيديوهات ادعى فيها أن اعتقال البحيري جاء بسبب مهاجمته الحكومة المصرية، قبل أن يزيل عبدالله الفيديوهات الخاصة بهذا الأمر ويقول إن توقيفه بسبب شكوى تقدم بها سوداني.
وفي الحقيقة فإن توقيف البحيري جاء لأكثر من سبب، أولها عدم تسويته أوضاعه الضريبية وتسديد القيمة المستحقة عليه، التي يتحصل عليها من أرباح قناته على "يوتيوب" للسلطات.
والسبب الثاني هو مخالفته التعليمات الصادرة من الجانب التركي بعدم مهاجمة مصر وتخفيف النبرة الإعلامية تجاهها في تلك الفترة، وجرى إخلاء سبيل الإعلامي المحسوب على الإخوان في 3 يوليو/تموز الماضي.
على صعيد آخر، أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ المصرية، في 4 مارس/آذار، حكما بالإعدام شنقا على مرشد الإخوان محمد بديع والقائم بأعمال المرشد الأسبق محمود عزت، و6 قيادات أخرى هم محمد البلتاجي وعمرو محمد زكي وأسامة ياسين وصفوت حجازي وعاصم عبدالماجد ومحمد عبدالمقصود في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث المنصة".
وألغت محكمة النقض المصرية، في 18 مايو/أيار، حكما قضائيا سابقا بإدراج 1500 من كوادر الإخوان على قوائم الإرهاب من بينهم لاعب كرة القدم السابق محمد أبوتريكة، فيما طالبت محكمة جنايات أمن الدولة العليا (الدائرة 4 إرهاب) في 24 من نفس الشهر بمخاطبة الشرطة الدولية (الإنتربول) من أجل ضبط وإحضار مجموعة من قيادات الإخوان المتهمين بقيادة الجماعة ونشر أخبار كاذبة، أبرزهم الإعلامي الإخواني حمزة زوبع.
ومن المقرر أن تعيد دائرة ثانية بمحكمة الجنايات النظر في قرار إدراج الـ1500 من أعضاء الإخوان، الصادر في 2018، في وقت لاحق، لكن هذا لا يعني أن جميعهم سيتم رفع اسمه من قوائم الإرهاب لأن العديد منهم صادر بحقه أكثر من قرار بالإدراج على قوائم الإرهاب.
ويلفت الحكم القضائي الأخير إلى وجود تعاطي قضائي مختلف بعض الشيء مع بعض القضايا المتعلقة بجماعة الإخوان، إذ سبق لمحكمة مصرية أخرى أن أصدرت، في مايو/أيار 2024، قرارا بإلغاء إدراج قيادات الإخوان من بينهم رجال أعمال على قوائم الإرهاب.
في سياق منفصل، أعلنت الإعلامية هالة سمير، المحسوبة على جبهة إسطنبول بجماعة الإخوان، في 28 مارس/آذار، انفصالها عن الجماعة قائلة إنها لا تنتمي لأي فئة أو أيديولوجيا، وإنها صُدمت بالإخوان وستقاضي كل من يستخدم اسمها للترويج لفكر معين أو تجميع الفتيات لصالح جبهة أو فئة بعينها.
والإعلامية هالة سمير عملت في القناة الرسمية للإخوان "وطن"، ويعود سبب انفصالها عنها إلى خلافات مالية، إذ طلبت منهم قرضا حسنا لسداد ضرائب مستحقة عليها، لكنها فوجئت بتخلي الجماعة عنها، وفق تعبيرها.
على صعيد منفصل، دعا محمود حسين القائم بأعمال مرشد الإخوان-جبهة إسطنبول، في رسالة أسبوعية لأعضاء الجماعة، صدرت في 8 مايو/أيار 2024، كوادر الإخوان للتمسك بمبادئ الجماعة والصبر على المحن والابتلاءات والالتزام بمنهج الجماعة.
على صعيد آخر، حاولت جماعة الإخوان في 2024 تغيير جلدها والتقرب من الشعب المصري، وحرصت قيادة الجماعة على إصدار بيانات إعلامية موجهة للمصريين في الأحداث المختلفة.
ونشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر في 12 يوليو/تموز 2024، من أجل إسقاط النظام في مصر، ولوحظ أن جماعة الإخوان لم تتبن هذه الدعوات بشكل رسمي، واكتفت بالإشارة لها في قنواتها الإعلامية.
ومع ذلك، هاجمت الجماعة بجبتهيها (لندن/صلاح عبدالحق، إسطنبول/محمود حسين)، في تصريحاتها وبيانتها بمناسبة الذكرى الـ11 للإطاحة بها من الحكم، الحكومة المصرية.
وتكشف هذه الدعوة أن جماعة الإخوان-جبهة صلاح عبدالحق (لندن) غير جادة فيما أعلنته سابقا عن نيتها اعتزال العمل السياسي، ويظهر أن هذا الادعاء ليس إلا زعم مرحلي، وأن الجماعة لا تنوي مغادرة الساحة السياسية أو المنافسة على السلطة بعكس ما قالته من قبل ومن بعد.
بدوره، قال الإعلامي المحسوب على جماعة الإخوان ماجد عبدالله، في فيديو نشره على قناته عبر موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب في أغسطس/آب الماضي، إن حلمي الجزار رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان-جبهة صلاح عبدالحق (المعروفة إعلاميا بجبهة لندن)، طلب منه نقل رسالة علنية إلى السلطات المصرية، مفادها أن الجماعة مستعدة لاعتزال العمل السياسي لمدة 10 إلى 15 عاما مقابل إطلاق سراح سجناء الجماعة.
ورد حلمي الجزار، في بيان له، نافيا ما قاله الإعلامي المحسوب على الإخوان، ومبينا أن الجماعة سبق أن تقدمت باقتراح لاعتزال المنافسة على السلطة لكن هذا لا يعني اعتزالها العمل السياسي بالكلية، وإنها ترى اعتزال السياسة بالكلية يرسخ لفكرة النظام الشمولي لا نظام التعددية الحزبية. كما ألمح رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان-جبهة صلاح عبدالحق إلى أنها منفتحة على أي مبادرة من شأنها إطلاق سراح سجناء الجماعة، ومع ذلك لم يعلن حتى نهاية العام عن تقدم في هذا الصدد.
بدورها، رفضت جماعة الإخوان-جبهة محمود حسين (المعروفة إعلاميا بجبهة إسطنبول) أطروحة ماجد عبدالله، ورفضت الحديث عن أي صفقة مع النظام المصري مقابل إطلاق سراح أعضائها من السجون، مردفةً أن قرارات الجماعة تصدر رسميا عن مجلس الشورى العام في الداخل والخارج، وأي موقف أو قرار لا يصدر عنه فلا يمثل الجماعة.
على صعيد متصل، كشف نشطاء مقربون من الإخوان منهم عمرو عبدالهادي عن عقد لقاء بين رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان وإعلاميين مقربين من النظام المصري، مضيفا أن اللقاء هدف للنقاش بشأن المصالحة بين الإخوان والقاهرة، ولم يخرج الطرفان بأي مخرج حقيقي للقاء، بل إن الانطباع الذي تكون لدى ممثلي الإخوان أن القاهرة لن تمنحهم أي تنازل، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء، وجرى الاتفاق على عقد لقاء آخر في وقت تالٍ، وهو ما لم يتم.
وترفض القاهرة بشكل رسمي إبرام أي صفقة -في الوقت الحالي- مع جماعة الإخوان، بما في ذلك الحديث عن الإفراج عن سجناء الجماعة، وخلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب المنصرم جرى تداول رسالة منسوبة لسجناء من الإخوان يطالبون فيها بمصالحة مع النظام المصري، بيد أن وزارة الداخلية نفت صحة هذه الرسالة.
في سياق منفصل، هنأت جبهة صلاح عبدالحق، في 6 يوليو/تموز الماضي، الرئيس الإيراني مسعود بزشيكان بانتخابه رئيسا للبلاد، متمنية أن يكون الاستحقاق الانتخابي مساهما في استقرار المنطقة على قواعد التعاون البناء بين الشعوب والحكومات.
وقد تكون هذه التهنئة دليلا على التقارب الحثيث مؤخرا بين الجماعة والنظام الإيراني، لا سيما أن العديد من قادة الإخوان جبهة صلاح عبدالحق أبرزهم عصام عبدالشافي زاروا، في الفترة الماضية، طهران والتقوا مسؤولين إيرانيين لكن بشكل غير معلن.
إلى ذلك، أعلنت النيابة العامة الإماراتية، في 2 أغسطس/آب 2024، أن السلطات الإماراتية ألقت القبض على خلايا جديدة تابعة لما يُعرف بتنظيم "دعوة الإصلاح"، الذي يعتبر فرعا من جماعة الإخوان المحظورة في البلاد، بعد جهود ومتابعات قام بها جهاز أمن الدولة الذي تعقب كوادر إخوانية هاربة من مختلف إمارات الدولة ممن صدرت ضدهم أحكام غيابية عام 2013، وأسفرت جهوده عن رصد مجموعتين من أعضاء التنظيم تلاقوا في الخارج، وآخرين استقطبوهم فانضموا إليهم وشكلوا تنظيما جديدا للإخوان.
وفي 3 نوفمبر/تشرين الأول 2023 أصدرت محكمة الجنايات القاهرة حكما بإدانة مجموعة من إعلاميي الإخوان، أبرزهم معتز مطر، وحمزة زوبع، ومحمد ناصر، وعبدالله الشريف، والسيد توكل، وعبدالرحمن زغلول، وجلال جبريل، ومصعب عبدالحميد، ومحمد الخطيب، وياسر الهواري، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اللجنة الإعلامية المركزية للإخوان".
وفي الشهر نفسه، قضت محكمة الجنايات المصرية برفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرهاب والكيانات الإرهابية، بناءً على طلب تقدمت به النيابة العامة المصرية بشأن المتهمين في القضية رقم 620 لسنة 2018، وإجمالي عددهم 1524 متهما.
وتضمنت قائمة الأسماء التي جرى إزالتها من على قائمة الإرهاب عددا من كبار قادة الإخوان الحاليين والمتوفيين، بينهم الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي (توفي قبل نحو عامين)، ومفوض العلاقات الخارجية السابق بجماعة الإخوان المسلمين يوسف ندا الذي توفي في 22 ديسمبر/كانون الأول، والداعية الإخواني وجدي غنيم، وعبدالله نجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وعدد من رجال الأعمال منهم علي فهمي طلبة، شقيق مصطفى طلبة رئيس اللجنة القائمة بأعمال مرشد الإخوان-جبهة إسطنبول سابقا، وعمر الشنيطي، وياسين عجلان، ووليد عصفور، إضافة ليحيى حامد وزير الاستثمار في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي والقيادي بالإخوان وآخرين، بينما سيبقى بعض قادة الجماعة وأنصارها على قائمة الإرهاب رغم إزالتهم من القضية الأخيرة، لأنهم مدرجون وفقا لأحكام أخرى.
ويبلغ عدد المدرجين على قوائم الإرهاب في مصر نحو 4408، ويعني إزالة اسم شخص من قائمة الإرهاب أنه سيتمتع بحقوقه السياسية كاملة، كما سيفك قرار تجميد أمواله بعد إجراء الأجهزة الأمنية التحريات اللازمة بشأن نشاطه وهل بقي له نشاط حركي مرتبط بالإخوان أو الجماعات الأخرى المدرجة على قوائم الإرهاب أم لا، وفي حال الأشخاص المتوفيين فإن عائلاتهم سينطبق عليها هذا القرار.
بدورها، هاجمت جبهة إسطنبول (محمود حسين) القرار، واعتبرت أنه يأتي من أجل تحسين سجل الحكومة المصرية، فيما يتعلق بحقوق الإنسان مع اقتراب المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان في مصر من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أما جبهة لندن (صلاح عبدالحق) فرأى مكتبها السياسي أن هذه الخطوة محصلة للجهود التي قادتها من أجل إتمام عملية المصالحة والإفراج عن سجناء الجماعة.
لكنّ تيار التغيير (جبهة المكتب العام) واصل تحريضه على العنف في مصر، في بيان أصدره التيار في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ليضرب في مقتل السردية التي تروجها الإخوان عن اتجاه لتسوية سياسية. وقبل أن يمر العام توفي مفوض العلاقات الخارجية والسياسية السابق لجماعة الإخوان يوسف ندا، عن عمر ناهز 93 عاما، وبهذا طويت صفحة مثيرة للجدل في تاريخ الجماعة بدأت مع انضمامه لها في 1948، ليكون عام 2024 أحد أعوام الأزمات التي لازمت الإخوان منذ سنوات عديدة.
مشاهدة الإخوان في 2024.. أزمات تتفاقم وخلافات تدحض «سردية التسوية»
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ الإخوان في 2024.. أزمات تتفاقم وخلافات تدحض «سردية التسوية» قد تم نشرة ومتواجد على العين وقد قام فريق التحرير في مصادر 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.