«حرب الظل الروسية».. تحذير أمريكي لبوتين

أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن سلسلة تحذيرات لموسكو من أن حرب الظل الروسية تهدد بكارثة جوية.

فخلال الصيف الماضي، اشتعلت شحنات بضائع في المطارات والمستودعات في ألمانيا وبريطانيا وبولندا وكان لدى الغرب بعض الشك أن روسيا تقف وراء الأمر، لكن في أغسطس/آب الماضي أشارت معلومات استخباراتية سرية إلى أن موسكو لديها خطة لنقل الحرب من أوكرانيا إلى أمريكا وأصبح السؤال كيف يمكن تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من عواقب هذا الأمر؟

سلسلة إحاطات كشفت عن تفاصيل المحادثات بين كبار المسؤولين في وحدة " GRU" وهي الذراع الاستخباراتي العسكري الروسي، وهي المحادثات التي تضمنت وصفا للشحنات المشتعلة في أوروبا وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

 وبمجرد أن أدرك الروس كيف تمكنت الطرود المفخخة من المرور عبر أنظمة فحص الشحن الجوي، وكم من الوقت استغرقت عملية الشحن، حتى بدأوا في الاستعداد للخطوة التالية وهي إرسال شحنات مماثلة على متن طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة وكندا، قد تؤدي إلى اندلاع حرائق بمجرد تفريغها.

ورغم أن الخطط كانت تدور بالأساس حول طائرات الشحن فإن طائرات الركاب تحمل أحيانا طروداً أصغر حجماً.

ومؤخرا، قال أليخاندرو مايوركاس، وزير الأمن الداخلي، في مقابلة "كان خطر الخطأ الكارثي واضحاً، حيث قد تشتعل النيران في هذه الطرود في طائرة محملة بالكامل".

لذا فرض مايوركاس في أغسطس/آب الماضي، قيوداً جديدة على فحص الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة ومع تحدد التحذيرات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضغط الوزير بهدوء على كبار المسؤولين التنفيذيين في أكبر شركات الطيران المتجهة إلى الولايات المتحدة لتسريع خطواتهم لمنع وقوع كارثة جوية حيث جرى تبني احتياطات علنية وأخرى سرية.

وفي الكواليس، كافح مسؤولو البيت الأبيض لمعرفة ما إذا كان بوتين هو الذي أمر بتلك المؤامرة أو كان على علم بها، أم أنه لا يعرف عنها شيئا وفي الوقت نفسه بدأت جهود كبيرة لتحذيره ومطالبته بإنهاء هذا الأمر.

وأوكل بايدن إلى مستشاره للأمن القومي، جيك سوليفان، ومدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، مهمة إرسال سلسلة من التحذيرات إلى كبار مساعدي بوتين.

وقال أحد كبار المسؤولين إن الأمر تطلب العديد من المسارات لضمان وصول الرسالة إلى آذان بوتين، وإدراكها.

كان جوهر التحذير هو أنه إذا أدى التخريب إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في الجو أو على الأرض، فإن الولايات المتحدة ستحمل روسيا المسؤولية عن "تمكين الإرهاب" ولم يحدد سوليفان أو بيرنز كيف سيكون الرد لكنهما أكدا أن هذا الأمر سينقل "حرب الظل" بين البلدين إلى مستويات جديد.

إن "حرب الظل" هذه مستمرة يوميا مع تحول روسيا إلى عمليات التخريب لتهديد حلف شمال الأطلسي (ناتو) دون إشعال حرب كاملة معه، الأمر الذي أنهى شعور الأمن في أوروبا الذي كان سائدا خلال فترة ما بعد الحرب الباردة.

ووصل التحذير إلى بوتين وفقا للمسؤولين الذي تحدثوا عن المراسلات السرية مع ويبدو أنها حققت الهدف المنشود حيث توقفت حرائق أوروبا على الأقل حاليا لكن لم يتضح ما إذا كان بوتين قد أمر بوقفها، أو إلى متى ستتوقف ويخشى المسؤولون أن تستغل روسيا الوقت لبناء أجهزة أفضل وأكثر سرية.

وفي حين تستعد إدارة بايدن للمغادرة خلال أسبوع، تم الكشف عن بعض تفاصيل المحادثات المتوترة مع الكرملين.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم قولهم إن هناك قلقا من أن ينقل الجيش الروسي الغاضب من هجمات كورسك الصراع إلى أوروبا وأمريكا بطريقة لا تشعل صراعا شاملا مع الناتو.

وفي حين تستعد إدارة بايدن لمغادرة البيت الأبيض الأسبوع المقبل، فقد تم الكشف عن بعض تفاصيل المحادثات المتوترة مع الكرملين.

ويشتبه المسؤولون أن هذه الخطة من عمل المخابرات العسكرية الروسية وهو ما يتسق مع الجهود السابقة لخلق إنكار معقول لبوتين إذا فشلت الخطة.

وأظهر الحادث حفاظ بايدن وبوتين على قنوات اتصال غير مباشرة، على الرغم من أنهما لم يتحدثا مباشرة منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.

ويوشك تجميد المحادثات المباشرة على الانتهاء حيث قال الرئيس المنتخب دونالد ترامب إن "بوتين يريد الاجتماع، ونعمل على ترتيب ذلك"، لكن الكرملين يصر على عدم وجود محادثة رسمية.

كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قد ذكرت في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن مسؤولي الاستخبارات يعتقدون أن الهدف النهائي لعمليات التخريب الروسية هو الولايات المتحدة وكندا، لكن تقرير "نيويورك تايمز" هو الأول حول المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وموسكو.

ووفقا للصحيفة فإن سوليفان بدأ سلسلة من الاتصالات مع نظيره الروسي يوري أوشاكوف الذي نفى تورط موسكو فأشار سوليفان باختصار إلى كيفية علم واشنطن بالأمر.

وبالمثل أجرى بيرنز اتصالات مع نظيره الروسي سيرجي ناريشكين، وألكسندر بورتنيكوف، مدير جهاز الأمن الفيدرالي في ضوء الاعتقاد بأن الرجلين لديهما إمكانية الوصول المنتظم إلى بوتين.

ورغم تجنب الأزمة الفورية، إلا أن مساعدي بايدن أقروا بأن الحادث كشف عن مشكلة أكبر فمع استمرار الحرب الأوكرانية فإن المخاطر تمتد إلى ساحات جديدة، وتتخذ أبعادا جديدة.

وقال ريتشارد هاس، الرئيس السابق لمجلس العلاقات الخارجية إن التخريب "كله جزء من نمط أكبر" وأضاف "تحولت روسيا إلى لاعب ثوري وإلى دولة تسعى إلى تقويض النظام الدولي"، معتبرا أن السؤال الحقيقي هو "هل تستطيع إدارة ترامب أن تفعل شيئا حيال ذلك؟".