في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة: تعرفوا إلى قصص قلوب بيضاء وأحلام تعانق السماء

يوم ليس ككل الأيام، وقصص ليست ككل القصص التي اعتدنا سماعها أو قراءتها؛ فأبطالنا اليوم هم سفراء البراءة وملائكة السلام والحب، الذين يملكون قدرة على منحك مشاعر مختلفة وإلهامك على إعادة النظر لحياتك ومواجهة جميع التحديات.
المناسبة التي جمعتنا بهم هو اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة الذي يوافق الثالث من ديسمبر من كل عام، والمكان الذي احتضننا كلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك سعود، التي استضافت في أجواء من المرح عدداً من الجمعيات والمراكز والشركات بحضور الأميرة غدير بنت عبد الله بن سعود رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة، والأميرة دانية بنت عبد الله بن سعود المدير التنفيذي للجمعية، والدكتورة مي الراشد عميدة كلية العلوم الطبية التطبيقية، والدكتور أحمد سعيد المستشار الثقافي في السفارة المصرية في الرياض.
وكان من اللافت في هذه الفعالية مدى تفاعل الأشخاص ذوي الإعاقة، مع الجميع وقدرتهم على إشاعة حالة من السعادة والبهجة في المكان؛ بفضل ما يتمتعون به من براءة وشجاعة وثقة بالنفس، وما تلقوه من تمكين ودمج في التعليم والتوظيف، وباتوا جزءاً فعالاً في المجتمع في ظل غياب واضح للنظرة السلبية والتنمر وخجل الأهالي السابق من الطفل المعاق، وفي ذلك تأكيد للنجاحات الكبرى التي حققتها السعودية في التوعية وتعزيز وحماية حقوق ذوي الإعاقة وتحقيق الاندماج المجتمعي لهم من خلال خطط التمكين في العمل والتعليم وتحسين جودة الحياة الذي فتح آفاقاً وحياة جديدة، وحقق بجدارة التنمية المستدامة.

خلال الاحتفالية باليوم العالم للأشخاص ذوي الإعاقة التي أقيمت في كلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك سعود التقت "سيدتي" عدداً من ذوي الهمم الذين كنا نتوقع أن لا نجد منهم تفاعلاً أو أن نواجه ردة فعل غير متوقعة أو أن لا تكون لديهم المقدرة على التعبير، وكما كنا نخشى من جهة أخرى من امتناع الأهالي وتحفظهم عن ظهور أبنائهم إعلامياً بالصوت والصورة، لكن ما حصل جعلنا في حالة من الدهشة والإعجاب؛ فكان الواقع مخالفاً لكل توقعاتنا، وكانت لقاءات عفوية أثبت من خلالها هؤلاء الأطفال أن لهم شخصية وثقة بالنفس ولهم حقوقاً وإنجازات بإكمالهم التعليم والتحاقهم بوظائف مرموقة، بل إن لهم قائمة من الأحلام التي يسعون لتحقيقها.

كانت البداية مع لولوة المعارك، التي كانت تجلس في المساحة المخصصة للعب وتمارس بحماس لعب "الكيرم"، تقدمت منها لاستئذانها في إجراء حوار، وبعد أن دققت النظر بنا، رحبت بنا قائلة: "عادي. ترى أنا مشهورة، واسوي لقاءات!". وأخبرتني والدتها التي كانت تقف بجوارنا بأنها معتادة فعلياً على استضافتها من قبل وسائل الإعلام.
في هذه الأثناء رحبت لولوة بشخص قدم للسلام عليها قائلة له: "فرحتني عبد الله بوجودك" وعبد الله هو أحد المسؤولين في جمعية صوت لمتلازمة داون الذي شاركنا في طرح سؤال للولوة عن الفعالية: فأجابت بأنها "مبسوطة وتحس أنها حلوة".
أما عن أكثر الأشياء التي أثارت إعجابها؛ فقالت: "كل الأشياء حلوة منها الكيرم وكرة السلة، التي جربت لعبها في الفعالية، وتمكنت من تحقيق عدد من الأهداف".
بعد ذلك أجرينا الحوار التالي مع لولوة.

قصة إلهام وطموح.. لولوة المعارك، مساعد سكرتير في جمعية صوت متلازمة داون، تتحدث عن شغفها بكرة القدم، السلة، والسباحة، وطموحها في التمثيل وعزف العود لتحقيق حلمها بأن تصبح من المشاهير.#اليوم_العالمي_للأشخاص_ذوي_الإعاقة @SautSociety@DHC_KSU @_KSU pic.twitter.com/dVTPoeCAOW

أنا اسمي لولوة المعارك، دخلت المدرسة وتعلمت القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم ودرست وتخرجت في المدرسة نفسها، بعدها توظفت في جمعية صوت مساعدة سكرتيرة.
وبعد إعجاب بهذه الإجابة من لولوة استرسلنا في السؤال عن أمنياتها وما الذي ترغب في تحقيقه، فقالت: "أحب التمثيل، وأحب أغني، وأتعلم عود، والرياضة، وأحب أن أكون مشهورة".

نعم، مشهورة، ويكون لي متابعون.

أقولهم "أهلاً متابعيني"، وكل شي، وأمنياتي.

كرة القدم والسلة، والتنس، والسباحة، والرسم.

شرفتونا الله يحييكم.

أمي تعبت عليَّ و"جابتني هنا".

وطني في قلوبنا رمز العطاء. مملكتنا الغالية الله يخليك لنا ويطول في عمرك.
في ختام اللقاء أخبرتنا لولوة بأنها ستكون ضيفة في برنامج تلفزيوني
وعندما سألناها عن التفاصيل. قالت لنا مفاجأة!

القصة الثانية، هي لحصة فهد وهي من فئة متلازمة السعادة "داون"، التي رافقت كبار الشخصيات والحضور لهذه الاحتفالية، وهي بكامل أناقتها، وكانت بحق نجمة هذه الاحتفالية ببراءتها وعفويتها وخفة دمها، وسرعة بديهيتها فحين تلقت دعوة من أحد الأجنحة المشاركة في الاحتفالية بالقيام بفحص النظر ومعرفة مدى ملاءمة النظارة.تساءلت وبكل عفوية: "وأمي وأبي؟" فجاءها الجواب يشملهما أيضاً فحص النظر.
في جناح الجمعية السعودية للتعزيز والتثقيف الصحي "تعزيز" الذي يمارس من خلاله الأطفال هواية الطبخ وتزيين الحلويات.بدت حصة فهد العمري مستمتعة في هذا الركن.

حصة فهد موظفة في جامعة الأميرة نورة وتجربة تزيين البانكيك ضمن فعالية الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص ذوي الاعاقة 2024#اليوم_العالمي_للأشخاص_ذوي_الإعاقة@DHC_KSU@_KSU pic.twitter.com/TSjglQyVG2

فطلبنا منها التعريف بنفسها، فقالت: "أنا اسمي حصة فهد العمري، أول شيء الأستاذة حصة فهد العمري، تخرجت في المدرسة وتوظفت في جامعة الأميرة نورة".

أقوم بعمل بانكيك بالفراولة والشوكولاتة.

شكراً، كثَّر الله خيركم. انبسطنا، هدايا زينة، ووجبات حلوة، مشكورين يعطيكم العافية.

في أثناء تجوالنا بين الأجنحة المشاركة لفتنا ركن صغير بجانب جناح مدرسة "الشارقة الأهلية"، هذا الركن خاص بطفل "توحدي" ظهر بكامل أناقته مرتدياً الثوب السعودي والشماغ والعقال، وبجانبه لوح حامل لمجموعة من الأوراق يمارس عليها هوايته في الرسم، رسم الوجوه تحديداً "البورتيرية".
عندما اتجهنا نحو الفنان الصغير وافق على طلبنا بالرسم مشترطاً على معلمه أن نكون آخر من يقوم برسمهم لشعوره بالتعب نظير الجهد الذي بذله في الرسم طوال الاحتفالية.

عبدالرحمن مبارك، طالب في الصف السادس ومصاب بالتوحد، يشاركنا شغفه وإبداعه في الرسم.#اليوم_العالمي_للأشخاص_ذوي_الإعاقة@DHC_KSU@_KSU pic.twitter.com/YkXHvcqtGY

طلبنا منه بداية أن يعرفنا بنفسه فأجاب: عبد الرحمن المبارك طالب في الصف السادس، موهبتي الفن.
وما إن انتهى من إجابته حتى ألقى علينا نظرة فاحصة سريعة، وبدأ في الرسم بقلم الرصاص وبعد دقائق استغرقها في الرسم أضاف لها توقيعه الخاص، ثم سألني عن اسمي ليضيفه أيضاً إلى جانب رسمتي الخاصة.

في ركن خاص بفحص النظر ، التقينا الهنوف العتيبي التي شاركت في عدد من اختبارات فحص النظر والأنشطة الترفيهية التي حرص الركن علةى توفيرة ، عندما عرضنا على الهنوف اجراء لقاء قصير لسيدتي وافقت الهنوف في الوقت الذي اقترحت فيه والدتها اكمال الجولة على بقية الأركان ، لكن مع إصرار الهنوف لم يكن أمامها إلا تلبية رغبتها في اجراء الحوار ، هذا الموقف اشارة أخرى لما يتمتع به ذوو الهمم من قوة شخصية ومعرفة بما لهم من حقوق ،

الهنوف العتيبي تمتلك موهبة الرسم وشغوفة بعمل أساور الخرز والباليه#اليوم_العالمي_للأشخاص_ذوي_الإعاقة @DHC_KSU @_KSU pic.twitter.com/octMVUq5J1

فرحبنا بها طالبين منها لتعريف باسمها وهواياتها التي تمارسها وفقالت : اسمي الهنوف محماس العتيبي وهوايتي البالية وعمل أسوار خرز
وتابعت : أحب نفسي وكل الناس يحبوني وأتمنى الكثير يحبوني
وأضافت : موهبتي الرسم وأتمنى التصويت لي بأحلى رسمة.

بدأت الاحتفالية بجولة للأميرة غدير بنت عبد الله رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة، والأميرة دانية بنت عبد الله بن سعود، والدكتورة مي الراشد عميدة كلية العلوم الطبية التطبيقية في أجنحة الجهات الداعمة والمشاركة التي تسابقت في حجز أجنحة لها، والتي قدمت توضيح شرح كامل عن الخدمات التي تقدمها لذوي الإعاقة، وتقديم الاستشارات في مجالات طب الأسنان والعلاج الطبيعي والتغذية وغيرها من المجالات مع حرص كل جهة على جذب الأطفال بهدايا وأنشطة ترفيهية، هذا مع توافر مساحات للعب الإبداعي والمسابقات الرياضية وأماكن مخصصة للرسم والطبخ ومزرعة للحيوانات الأليفة وغيرها من الفعاليات. وفي نهاية الجولة تم تكريم الجهات الداعمة والمشاركين بدروع وشهادات تقدير.

في تصريح خاص لـ"سيدتي" قالت الأميرة دانية بنت عبد الله بن سعود المدير التنفيذي لجمعية أصدقاء ذوي الإعاقة: "اليوم العالمي لذوي الإعاقة، نعده يوم عرس لدينا في جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة، ومناسبة لدعم أشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، ونسعى من خلاله لتحقيق نشر الوعي في المجتمع؛ لأنه أساس التمكين الشامل، وأيضاً تحقيق اندماجهم في المجتمع".
وأضافت الأميرة دانية: "مع كل احتفالية يتم الاحتفال بطريقة مختلفة وكان احتفالنا في جامعة الملك سعود، كلية العلوم التطبيقية، ونشكر عميدة الكلية الدكتورة مي الراشد على استضافتها لنا وعلى دعم أندية الجامعة، مثل نادي الطلاب التطوعية للأسنان، والعلاج الوظيفي، والعلاج الطبيعي، والبصريات، وما تقدمه تلك الأندية من خدماتها لذوي الإعاقة من خلال الكشف المبكر، وتقديم العلاج لذوي الإعاقة ولأسرهم، فالشكر لجامعة الملك سعود على ما قدموه، ولجميع الداعمين".
وأشارت الأميرة بشكل خاص لمشاركة جمعية رحمة للرفق بالحيوان ضمن الاحتفالية: "كان وجودهم إضافة جميلة للاحتفالية، واستطاعوا أن ينشروا أجواءً من المرح والحيوية؛ ما ساعد الأطفال والمستفيدين في الاندماج والتفاعل مع الحيوانات، فشكراً لهم، ولكل من شارك ودعم هذه الفعالية".

الأستاذ الدكتور أحمد سعيد فهيم، المستشار الثقافي والتعليمي في السفارة المصرية في الرياض قال: "نتشرف بالوجود اليوم في استضافة جامعة الملك سعود في اليوم العالمي لذوي ذوي الهمم، الذين نتفق على أنهم جزء من المجتمع، ويجدون اهتماماً كبيراً جداً من كل الأطياف للتكامل والاندماج في المجتمع بشكل واضح، وهذا الاندماج يحتاج الى وجود ما بين الثقافة والدراسة، والحياة المجتمعية، وإلى التوعية، والاهتمام بتحسين جودة الحياة".
وتابع المستشار الدكتور أحمد سعد: "ومن الملاحظ أن هناك اهتماماً بالجانب الثقافي، والتعليمي، وتقديم الرعاية الصحية، والصحة النفسية لذوي الهمم، وكما أن تحقيق اندماجهم مع بعضهم بعضاً يسمح باندماجهم بشكل كامل في الحياة والمجتمع، وهو الهدف الذي نسعى له جميعاً".

وأشارت شادن السياري نائبة رئيس نادي العلاج الطبيعي في جامعة الملك سعود لمشاركة النادي في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة، هذ اليوم يذكرنا بحقوقهم علينا وفي إعادة دمجهم في المجتمع، من خلال التعليم والوظائف، حيث يلعب العلاج الطبيعي دوراً أساسياً في إعادة التأهيل حركياً وحسياً،من خلال تحسين القوة العضلية والمرونة للأداء الوظيفي والحركي، وأيضاً تحسين التوازن مقدرة التحكم الحركي لتحقيق الاستقرار في أثناء الحركة.

من جمعية رحمة للرفق بالحيوان، قالت شادية الدندري: "سعدنا وتشرفنا بوجود جمعية رحمة للرفق بالحيوان في هذه الاحتفالية الرائعة من خلال تصميم لمزرعة مصغرة تضم مجموعة من الحيوانات الأليفة والطيور.
وتمكنا، من خلال موقع المزرعة الذي يتخذ موقعاً إستراتيجياً، من جذب واستضافة عدد كبير من الأطفال من ذوي الهمم، وإتاحة المجال لهم للتعرف إلى مجموعة من الحيوانات الأليفة والطيور المختلفة عن قرب في أجواء من المرح والسعادة".
اقرأ المزيد : في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة 2023 ..متحدون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة