لماذا يصعب التنبؤ بالخطوة التالية لحزب الله؟

طارق العليان

تمثل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على جماعتي حزب الله وحماس تصعيداً كبيراً في الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط. وجعلت هذه الهجمات إسرائيل و”محور المقاومة” التابع لإيران أقرب إلى شفا حرب شاملة أكثر من أي وقت مضى منذ هجوم طوفان الأقصى الذي شنته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

ويركز المجتمع الدولي على كيفية رد حماس وحزب الله وإيران على هذه الهجمات.
وتعهدت إيران بالرد المباشر على اغتيال اسماعيل هنية، وأشار الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى أنه يجري النظر في “رد مدروس” على مقتل القيادي في الحزب فؤاد شكر وما يراه عدواناً إسرائيلياً على لبنان.

وفي هذا الإطار، يقول راني بلوط، محلل للمخاطر السياسية مقيم في نيويورك، في تحليل بموقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي، إن فهم رواية حزب الله عن الردع والحرب المعلوماتية ضد إسرائيل والولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية للتنبؤ برد فعلهم على هذه الهجمات.

وشارك حزب الله في حملة إعلامية تهدف إلى إرساء موقف رادع ضد إسرائيل، وتسليط الضوء على استعداده للتصعيد إذا اقتضى الأمر.

وهذه الرواية حاسمة لأنها تشكل تصرفات حزب الله وردود أفعاله.وأشار الكاتب إلى أن هناك معارك مستمرة بين إسرائيل وحزب الله على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، وتصاعدت حدتها في الأسابيع الأخيرة.

وبث حزب الله لقطات من طائرات دون طيار تُظهر مناظر جوية لأهداف عسكرية ومدنية إسرائيلية، مدعياً أن لديه معلومات استخباراتية عن هذه المواقع.
هذه اللقطات هي جزء من استراتيجية أوسع لإظهار قدرات حزب الله وردع العدوان الإسرائيلي.

ثلاث مراحل لرواية حزب الله

وأوضح الكاتب أن رواية حزب الله تقسم الصراع إلى ثلاث مراحل، وتتميز كل مرحلة بسيطرة حزب الله المتزايدة على ديناميكيات القتال.

1. الاشتباكات عبر الحدود: في البداية، كان الصراع يقتصر على المناوشات داخل منطقة ضيقة على طول الحدود.

2. مرحلة الردع: بعد اغتيال زعيم حماس صالح العاروري في يناير (كانون الثاني)، بدأ حزب الله في استهداف مواقع استراتيجية في إسرائيل، بهدف إرساء موقف رادع.

3. تكثيف القتال: بعد مقتل القيادي في حزب الله طالب عبد الله في يونيو (حزيران)، زاد حزب الله من هجماته الصاروخية، مما أدى إلى توسيع نطاقها إلى عمق الأراضي الإسرائيلية.

جهد أمريكي

تصور هذه الرواية إسرائيل في موقف لا تُحسد عليه وتشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى خفض التصعيد لحماية حليفتها.

ويؤكد خطاب حزب الله على قدراته الصاروخية والطائرات دون طيار، ويؤطرها كرادع فعال ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وسلطت التصريحات الأخيرة لنصر الله الضوء على هذه القدرات، مما يشير إلى أنها تؤثر على الأهداف العسكرية الإسرائيلية.

ويزعم نصر الله أن استعداد حزب الله ورده على الهجمات الإسرائيلية يثبتان قوته العسكرية وإمكاناته للانخراط في صراع أوسع إذا لزم الأمر.

حرب معلومات

انخرط محور المقاومة، بما في ذلك حزب الله والجماعات المدعومة من إيران، في حرب معلوماتية لردع إسرائيل عن شن هجوم عسكري على لبنان.

وتشير التقارير إلى أن إيران أرسلت مستشارين عسكريين إلى لبنان لمساعدة حزب الله، وأن آلاف المقاتلين من مختلف الجماعات في الشرق الأوسط مستعدون للانضمام إلى الصراع.

وحذر قائد الحرس الثوري الإيراني السابق محسن رضائي من أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله ستكون أكثر خطورة على إسرائيل من صراعها مع حماس.

وعززت وسائل الإعلام الإيرانية الرواية المتعلقة بقدرات حزب الله في مجال الطائرات بدون طيار، وصوَّرتها كدليل على ذكاء حزب الله وقدرته الاستراتيجية.

وتأتي هذه التطورات على خلفية محادثات وقف إطلاق النار الجارية بين إسرائيل وحماس في قطر، والتي أصبحت الآن معرضة للخطر بسبب التصعيد الأخير.

ويواصل حزب الله وحماس التنسيق حول هذه المحادثات والتطورات في غزة.
وربط نصر الله بين وقف هجمات حزب الله ووقف إطلاق النار الدائم في غزة، مما يسلط الضوء على الترابط بين هذه الصراعات.

في ضوء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، يتم اختبار رواية حزب الله عن الردع.
ووعد نصر الله برد قوي على إسرائيل، مشيراً إلى أن حزب الله قد يشن هجمات كبيرة ضد أهداف إسرائيلية، ربما باستخدام المواقع التي تم تحديدها في لقطات الطائرات دون طيار المنشورة.

ومن المحتمل أن تؤدي مثل هذه الإجراءات إلى تصعيد الصراع إلى حرب واسعة النطاق، تجتذب العديد من الجهات الفاعلة في جميع أنحاء المنطقة.

توزان هش

واختتم الكاتب مقاله بالقول: يمثل الوضع الحالي توازناً هشاً، حيث يلعب الخطاب الاستراتيجي لحزب الله وقدراته العسكرية دوراً حاسماً في تشكيل الديناميكيات الإقليمية. إن احتمالات التصعيد لا تزال مرتفعة، وسوف تكون ردود أفعال حزب الله وحماس وإيران حاسمة في تحديد المسار المستقبلي للصراع. كما أن نتائج محادثات وقف إطلاق النار الجارية والجهود الدبلوماسية التي يبذلها المجتمع الدولي سوف تؤثر بشكل كبير في احتمالات اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.

المصدر : موقع “24”