|
اخبار محلية
من يمتلك الإسلام السياسي اليوم؟
مصطفى هشام في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في مأزق، فقد تعرّضت داخليا لاعتداء على أراضيها، وقُتل آلاف من مواطنيها؛ وخارجيا أصبحت مصالحها وسيادتها الدولية مهددة، وهو تهديد لم تعهده منذ نهاية الحرب الباردة، إلا أنه يبدو مختلفا هذه المرة. فالاتحاد السوفيتي كان يسلك سلوك الدول القومية، في إدارة علاقاته الدولية، ورغبته في مد سيطرته وتأثيره حول العالم، أي أنه ينطلق من إقليم، له حدود ومصالح وهوية قومية، يريد الحفاظ عليها. أما في الظرف الجديد، فالتهديد الإسلامي ينطلق من حيث لا توجد أرض يُسيطر عليها تنظيم سياسي أو أيدولوجية واضحة، لكن الشبه الوحيد هو وجود شبكة من الممولين والداعمين، فمنذ سبعينات القرن العشرين، دعم الممولون السعوديون عددا من المنظمات الإسلامية غير حكومية حول العالم، من أجل نشر السلفية الوهابية، مثل “الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية”، و”الندوة العالمية للشباب الإسلامي”، و”رابطة الطلاب المسلمين في أمريكا الشمالية وكندا”، وغيرها من المؤسسات، التي موّلتها “مؤسسة الحرمين” السعودية، والتي أُغلقت عام 2004 بدعاوى دعم الإرهاب. قررت جهات حكومية في الولايات المتحدة محاربة تلك الكيانات، ضمن خطة مركّبة حول “حرب الأفكار”، فقد أصدرت وزارة الدفاع الأميركية تقريرا في عام 2006، يؤكد أنها تخوض صراعا مسلّحا وفكريا في آن واحد، ولا يمكن إحراز أي نصر، بدون إفقاد الأيديولوجيات المتطرّفة مصداقيتها، في نظر الأعداد الغفيرة من معتنقيها الأساسيين ومؤيّديها الضمنيين. وللانتصار في الحرب الفكرية، وجدت الولايات المتحدة نفسها في حاجة إلي “شبكات مسلمة مُعتدلة” لمكافحة أفكار “الجهادية العالمية”، وهذه الشبكات كانت عبارة عن عدد من المنظمات غير الحكومية NGOs، مثل “الصندوق الوطني للديموقراطية NED” و”مركز دراسة الإسلام والديموقراطية CSID”، و”مؤسسة آسيا”، وهي منظمات غير ربحية، تدعمها الولايات المتحدة بطريقة أو بأخرى، وتوفّر لها المساعدة المالية والفنية والاستراتيجية، وتضعها بشكل غير مباشر في اتصال مع شبكة أخرى من المؤسسات الأهلية غير الحكومية، العاملة في المجال نفسه. اعتنت الولايات المتحدة، قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر، بتوجيه دعواتها للتحوّل الديموقراطي إلى الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ أما ما بعد الأحداث فقد اتبعت استراتيجية جديدة، تقضي بالترويج للديموقراطية والليبرالية عبر دعم “المجتمع المدني”، وبناء شبكة من “المؤسسات غير الحكومية المعتدلة”، ما يؤدي في النهاية لتطوّر “المجتمع المدني” في المنطقة، ومن ثم التحوّل الديموقراطي. تعمل تلك المنظمات على مشاريع وبرامج للاستثمار الاقتصادي، وبناء وسائل الإعلام المستقلة، وحماية البيئة، ودعم حقوق النساء والأقليات، لتنشئ “شبكات الاعتدال” في الدول الإسلامية، التي توفّر الحواضن الرئيسية للإسلام السياسي. أما في الولايات المتحدة وأوروبا، فقد عملت تلك الاستراتيجية على دعم المؤسسات غير الحكومية NGOs، لدعم “المسلمين الليبراليين” في الغرب، أي غير الجهاديين، والذين كانوا مجموعات صغيرة وغير مؤثّرة لدرجة كبيرة، وما ينقصهم هو الدعم والربط، كي يتمكنوا من التغلّب على الأيدولوجيات الجهادية والإسلاموية وسط الجاليات المسلمة، حتى لا تصبح تلك الجاليات أرضا خصبة للتجنيد، وبناء الحواضن في المستقبل. هكذا بدأت الأمور، إلا أنها شهدت تحولات كثيرة خلال العقدين الماضين. وإذا كان لدينا تصوّر متداول عن “الجهاديين” من “المسلمين”، فماذا عن “المعتدلين” و”الليبراليين” و”اليساريين”؟ ما أهم أفكار مؤسسات “معتدلة” و”يسارية” مثل “اتحاد المسلمين التقدميين في أمريكا الشمالية PMU”، وخليفته “مسلمون لدعم القيم التقدمية MPV”؟ وكيف استولت استراتيجية المنح على الأفكار “التقدمية” لـ”المسلمين”، وصاغتها بشكل معيّن؟ وهل تساهم تلك المؤسسات مساهمات سياسية أو اجتماعية فعّالة؟ بداية الحكاية: خبرة الحرب البادرة لإنقاذ “الإسلام” في مقال منشور بجريدة “وول ستريت جورنال” عام 2005، تحدّث الرئيس الإندونيسي المتديّن عبد الرحمن وحيد، عن ستة عشر جانبا من جوانب قوة المسلمين المعتدلين التقدميين، في مواجهة التطرّف الديني. ولكن على الرغم من كل تلك الجوانب، فإن “التقدميين” في حالة كمون أو تشتت، في مواجهة أصحاب الفكر الأصولي، وهذ التشتت نابع من أن الليبراليين والمعتدلين المسلمين يفتقرون للأدوات التنظيمية المناسبة، لذلك لابد من بناء شبكات تنظيمية لـ”استرداد الإسلام من أيدي الراديكاليين”. وفي عدد من التقارير والأبحاث لمعهد راند RAND للأبحاث والدراسات عام 2003، تحدّث الباحثان شيريل بينارد وأنجل راباسا عن “الإسلام المدني الديموقراطي”، وأوضحا في تقريرهما الخطوات السياسية الفعّالة لدعم الإسلام السياسي المُعتدل، والترويج للديموقراطية والليبرالية الأميركية بين الإسلاميين، من خلال خبرة الولايات المتحدة في الحرب الباردة، ودعمها آنذاك لعدد من التيارات الفكرية والفنية. يمكن تأريخ بدايات “الحرب الباردة الثقافية”، من خلال تتبّع عدد من الخطط والمبادئ، التي أعلنت عنها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، أشهرها خطة جورج كينان، مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأميركية؛ ومبدأ هاري ترومان لملء الفراغ بعد انهيار الامبراطوريات الاستعمارية؛ وخطة مارشال لإعادة إعمار الدول الأوروبية. تتلاقى هذه الخطط جميعا في مبدأ استراتيجي واحد، وهو مبدأ “الاحتواء”، فلأجل مجابهة الخطر الشيوعي، كانت هناك حاجة لاعتماد استراتيجية دفاعية تجاه الاتحاد السوفييتي، وهو قوة عسكرية نووية، لا يمكن مهاجمة أراضيها بشكل مباشر، لذلك بُنيت الاستراتيجية الأميركية على منع الأيدولوجيا السوفيتية من الانتقال إلى الغرب، بل اتجهت إلى نقل أيديولوجيتها الليبرالية إلى ما وراء الستار الحديدي، وإلى قلب الاتحاد السوفيتي نفسه، وذلك من خلال دعم الشيوعيين المنشقين عن الأحزاب الشيوعية في أوروبا، وتمويل منظمات عمل أهلية وتجمعات نقابية وقنوات إخبارية وإعلامية مستقلة. فموّلت وكالة الاستخبارات الأميركية عددا من المبادرات المؤثّرة على المثقفين والعمال والطلاب الأوروبيين، مثل “مؤتمر الحرية الثقافية” و”إذاعة أوروبا الحرة” و”لجنة اتحاد التجارة الحرة” و”اتحاد الطلاب الوطني”. مثّلت هذه المبادرات والمؤسسات الخاصة بداية نشأة المؤسسات غير الحكومية NGOs، والتي بُنيت من خلال هيراركية مؤسساتية، وشبكة من الاتصالات. أو كما عبّر المؤرخ سكوت لوكاس: “هذه الشبكات الحكومية الخاصة كانت رأس الحربة في الحرب الباردة الثقافية والأيديولوجية والسياسية”. ولا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تنشئ هذا المؤسسات من العدم، وإنما كانت جانبا من حركات ثقافية وسياسية أوسع، لديها دوافع عميقة لمعارضة الأيديولوجيات القائمة، سواء في الكتلة الشرقية، أو في الدول الغربية، وكثير منها كانت له ميول يسارية أصلا. تلك الاستراتيجية، التي استمرت أربعين عاما، أثمرت في النهاية، خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وقيام الثورات الملونة، واعتبار الأفكار الماركسية والنزعة السوفيتية أفكارا بالية، أي بالفعل، انتقلت الأفكار الليبرالية لما وراء الستار الحديدي، وإلى داخل تنظيمات اليسار الأوروبي. وفي مطلع الألفية، نُصحت الولايات المتحدة باستخدام الاستراتيجية نفسها ضد التنظيمات الإسلامية حول العالم، لنشر الأفكار الليبرالية والديموقراطية داخل المجتمعات العربية، والجاليات المسلمة في الغرب. تقدميو العقيدة: من “اليسار الإسلامي” إلى الـ NGOs رُفعت خلال القرن العشرين عدد من اللافتات بجانب لافتة الإسلام، ومنها “التقدمية” أو “اليسار”، فقد حاول عددُ من الأكاديميين والنخب السياسية والنضالية المعروفة في البلاد الإسلامية، التفكير في المشكلات والتحديات التي تواجه المجتمعات التقليدية، وناقشوا مشاكل، مثل الاستعمار والحداثة والبنية الطبقية للمجتمعات الحديثة، فقد اعتبرت هذه النُخب الإسلام ثقافةً مُشتركة، لكنه لا يقف عائقا أمام تحديث المجتمعات، أو النضال لأجل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لطالما عنى مصطلح “التقدمية”، في الخطاب السياسي، المُستخدم في الأدبيات والحركات الاحتجاجية، عددا من المناهج السياسية الثورية أو الإصلاحية، المعنية بتغير الشروط الاجتماعية والاقتصادية القائمة. ففي مصر على سبيل المثال دعا المفكر حسن حنفي لتأسيس “يسار إسلامي”، لا يكتفي بالمسائل الثقافية في الإسلام، لكنه يتجه ناحية الفاعلية السياسية في النضال الطبقي والتحرر الوطني ومكافحة الامبريالية؛ وفي ايران برز عبد الكريم سروش بوصفه “مسلما تقدميا”؛ أما في ماليزيا فقد أسس سيد حسين الاطاس، وهو أكاديمي وباحث مشهور، مجلة بعنوان “الإسلام التقدمي”، ناقش فيها المشاكل التي تواجه المجتمعات الإسلامية، خلال النصف الماضي من القرن العشرين، والتي أرجعها للطبقة والامتيازات الطبقية، التي احتكرتها النخب السياسية في البلد. ويؤكد الباحث التركي شكري هانيجلو أن أولى بصمات هذا المزيج الفكري تعود إلى المفكرين والسياسيين الأتراك والشوام الشباب، الذي ناضلوا ضد الدولة العثمانية، ودعوا الي إسقاطها، لكنهم استخدموا مصطلح “الإسلاميون التقدميون” بوصفه غطاء ضد اتهامهم بالإلحاد أو المادية فقط. شاع استخدام المصطلح، وتعددت مسارات “الإسلاميين التقدميين”، سواء في مكافحة الإمبريالية، والنضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والاحتلال الإسرائيلي؛ أو النضال الطبقي لتأسيس دولة رفاه، وتحقيق التحديث والمساواة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات المسلمة التقليدية في دول الجنوب. وجاءت هذه المسارات على هيئة توفيقات نظرية، أو تلفيقات، أو حتى بوابة للعبور من المحافظة الإسلامية إلى تبنّي خطاب يساري علماني خالص. وبعضها جاء بمثابة غطاء ضد الاتهام بالإلحاد والماركسية، وغيرهما. في العام 1999 انطلقت غرفة تواصل (تشات) على الانترنت، تجمع بين عدد ممن يعرّفون أنفسهم بـ”المسلمين التقدميين في كندا وأميركا”، ليتناقشوا في قضايا مثل الفقر، العنصرية، العدالة الاجتماعية، القمع السياسي القائم على الفروق الجندرية، سواء في بلدانهم الأم أو في دول المهجر، وتوسّعت مجموعة المناقشة، حتى وصلت عام 2004 إلى 1500 عضوا ناشطا، توصّلوا لتعريف لما يمكن أن يكون عليه تجمّعهم ومهامه، وكيف يفهمون الإسلام، فعرّفوا “الإسلام التقدمي” بأنه “ذلك الفهم للإسلام ومصادره، الذي يتشكّل ضمن الالتزام بتحويل المجتمع من مجتمع غير عادل إلى مجتمع عادل، لا يكون الناس خاضعين فيه للاستغلال من قبل الحكومات والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات غير المتكافئة. المجتمع الجديد سيكون عادلا، حيث يصبح الناس هم موضوعات التاريخ، يشكّلون مصيرهم فيه، مع الوعي الكامل بأن البشرية جمعاء في حالة عودة إلى الله، الذي خُلق الكون علامةً على حضوره“. هذا التعريف، يشي بأن المجموعة الجديدة على وشك أن تتجه للمشاركة والتنظيم والعمل السياسي الواعي بموقعه الاجتماعي، لكن ما حدث لم يكن في الحسبان، فمع أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، وجدت الجالية المسلمة نفسها في موضع الشك، والحاجة لتبرئة نفسها، فدخلت النقاش أجيال أحدث، غير معنية بالقضايا الاجتماعية القديمة، وبدأت تهتم بالمسائل الثقافية في الإسلام نفسه، فدعت إلى تطهير الإسلام من التفسيرات القروسطية القديمة، التي أسسها رجال الدين في المجتمعات البدوية، ونادت بمشاركة النساء بشكل فاعل في الممارسات الدينية، مثل إمامة الصلاة وعقد القران، وحقوق مجتمعات الميم LGBTQ+ والأقليات الملوّنة والسكان الأصليين. باختصار تحوّلت القضايا التقدمية السياسية إلى قضايا ثقافية محلية، خاصة بالمجتمعات داخل أمريكا فقط، أو كما يقول أحد المشاركين في تأسيس مجموعة المناقشة: “تحوّل التجمّع من كونه تقدميا progressive إلى تقدمي مُخفّف progressive lite”. ومع الوقت حصل الجانب الليبرالي على الدعم الإعلامي والمالي الكافي، حتى تم تأسيس أول تجمع مؤسسي NGO لـ”المسلمين التقدميين”، وهو ما عُرف باسم “الاتحاد التقدمي لمسلمي أمريكا الشمالية PMU”. صراعات منظّماتية: بماذا يختلف “الليبراليون” عن “أعداء الاستعمار”؟ كان “الاتحاد التقدمي” أول جمعية غير حكومية، تقوم بمراجعات فقهية، واجتراح تفسيرات “حداثية” للنصوص القرآنية، من ثم نشر الرؤية “المعتدلة” أو “الليبرالية” للإسلام، والتي تبدو متوافقة مع توجهات السياسة الأميركية خارج العالم الغربي، ودون أية صدامات سياسية مع النظم المحلية، تؤثّر على مستقبل علاقات الولايات المتحدة معها، على أن يصبح العدو الأوحد لهذا “الإسلام” هو الرؤية الأصولية والوهابية، وكل الجماعات والمنظمات الأهلية التي تدعمها حول العالم. لم يتمكّن “الاتحاد التقدمي” أن يستمر لأكثر من عامين، من 2004 حتى 2007، ففي غضون هذه الفترة اندلعت صراعات ضارية بين جناحين داخله، فمن ناحية دعم الجناح الليبرالي عددا كبيرا من الشخصيات الأكاديمية، مثل طارق علي، حسين حبيش، فريد ذكريا، وغيرهم، لقيادة المؤسسة الجديدة، المعنية بتصحيح التصورات عن الإسلام، رغم أن هؤلاء تجنّبوا تقديم أنفسهم بوصفهم مسلمين، أو حتى خرجوا من الإسلام علنا. هذا الترشيح، دفع الجناح الآخر، القادم من خلفية أكثر “يسارية”، إلى رفض البناء الإداري للمؤسسة بهذه الطريقة، التي أغفلت “الإسلام”، بوصفه ثقافة وأيمان، وحوّلته الي أيدولوجية ليبرالية تماما، تنازع أيديولوجيات إسلامية سياسية أخرى، واعتبروا هذا التوجّه مجرّد توجه سلطوي أخر، ومحاولة لفرض أفكار وقيم “الغرب”، وهي محاولة إمبريالية أخرى ضد “الجنوب العالمي”. ومن هذه النقاشات خرج مساران، سيطرا على النقاش السياسي والاجتماعي وسط الجالية العربية والإسلامية: الأول تعهّد بمكافحة الإمبريالية الأميركية، من داخل المنابر الأكاديمية والثقافية في الولايات المتحدة؛ والآخر، الأكثر ليبرالية، تعهّد بتكوين منظمات غير حكومية أخرى، من أجل نشر أفكارها وسط الجالية المسلمة وخارج الولايات المتحدة، وعمل على تقديم الإسلام باعتباره ثقافة أو مظلة كبيرة، تتشارك فيها عرقية أو أقلية مسلمة، شأنها في ذلك شأن السود أو السكان الأصليين في أميركا. أي أن “المسلمين” أصبحوا جماعة هوية، مضطرة للنضال لأجل حقوق الأقليات الأخرى، والدفاع عن ثقافتهم الأم، بعد تحريرها من الأفكار المتطرّفة. وفي العام 2007 تأسست منظمة “مسلمون لأجل القيم التقدمية MPV”، التي تنتشر في عدد من الولايات الأميركية، وفي كندا وتشيلي وفرنسا وماليزيا وأستراليا، وتعمل على تقديم تعريف جديد للإسلام، متوافق مع حقوق الإنسان، أو كما تقول آني زونفيلد، إحدى مؤسسات المنظمة: “مهمة MPV التجسيد الفعّال للمُثل القرآنية التقليدية للكرامة الإنسانية، للمساواة والرحمة والعدالة الاجتماعية. تتصوّر MPV الإسلام والمجتمع الإسلامي ضمن مبادئها العشرة، وتسعى لمستقبل يُفهم فيه الإسلام مصدرا للكرامة والعدالة والرحمة والمحبة للبشرية جمعاء والعالم“. والمبادئ العشرة، التي ينبغي أن يكون عليها الإسلام، هي “الهوية الجمعية”، أي قبول كل من يأتون من خلفية عربية أو إسلامية، أو يحملون اسما عربيا، على أنهم مسلمون، حتى لو خرجوا من الإسلام؛ فصل الدين عن الدولة؛ حرية التعبير؛ الدفاع عن حقوق الانسان؛ المساواة الجندرية؛ حقوق مجتمع الميم؛ التفسير النقدي للقرآن والشريعة؛ وأخيرا التنوّع في دعم حقوق بقية الأقليات. تُعتبر “مسلمون لأجل القيم التقدمية” أحد أكبر المنظمات غير الحكومية NGOs المسلمة في الولايات المتحدة، وهي تقدّم المجتمعات المسلمة بوصفها جماعة هوية، تحتاج لإصلاح خطابها وممارساتها، لكي تناسب المجتمعات الغربية اليوم. من ناحية أخرى، ما يزال لـ”المسلمين” الأكثر “يسارية” وأقل “ليبرالية”، حضورهم في الأكاديميات والمؤسسات الثقافية، ولديهم أيضا منظماتهم غير الحكومية. وبشكل ما تنتشر منظمات العمل المدني والجمعيات غير الحكومية NGOs مثل “مسلمون لدعم القيم التقدمية” حول العالم، على هيئة شبكات، ويوجد بينها أنواع مختلفة من الاتصال؛ وعلى الجانب الأخر توجد شبكات منافسة، تقوم بتمويل الإسلام السياسي، ومجموعات الاخوان المسلمين، والنسخة الأكثر تقليدية من الإسلام في أوروبا، كما يوضح كتاب “أوراق قطر.. كيف موّلت الإمارة الإسلام في فرنسا وأوروبا” للصحفيين جورج مالبرونت وكرستيان شينسنوت. يبدو الإسلام السياسي والهوياتي اليوم خاضعا لجهات تمويلية وأجندات متنافسة، لكنها متشابهة في المنظور العام: جمع كتلة سكانية مختلفة الجنسيات والتوجهات ضمن هوية أحادية؛ التعويل على شبكات “ناشطين” بدلا من التنظيمات السياسية والنقابية والحزبية؛ اعتبار “الإسلام” مبدأ سياسيا مركزيا، وجانبا من صراعات “العدالة الاجتماعية”. يمكن القول إنه تم بالفعل “أنجزة الإسلام” (تحويله إلى منظمات NGOs، والعمل ضمن عقليتها)، ولذلك نتائج ثقافية وسياسية كبيرة على وعي “المسلمين”، في الشرق والغرب، لأنفسهم وقضاياهم. نقلاً عن حيّز نت
وبكل الأحوال، يبدو هذا التناقض بين “مسلمين” معتدلين و”مسلمين” غير معتدلين، غريبا بعض الشيء، في الحالتين تُعرّف جاليات متنوعة إثنيا وثقافيا واجتماعيا بهوية أحادية، وإن اختلف التوجّه السياسي وفقا للعلاقة مع “الغرب”.
مشاهدة من يمتلك الإسلام السياسي اليوم؟
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ من يمتلك الإسلام السياسي اليوم؟ قد تم نشرة ومتواجد على كريترنت وقد قام فريق التحرير في مصادر 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.