وصايا «النواب» الخمس هل تكتب وفاة «المارد الأسود»؟.. متى تستريح الشوارع من «التوك توك»؟ اخبار_اليمن

التوك توك، ذلك الكائن العشوائى الذى انطلق فى شوارع القاهرة منذ عدة سنوات ولم يمكن لأحد السيطرة على نموه العشوائى الذى سرعان ما تحول إلى ممالك تديرها قوانين البلطجة، مستغلين ترهل القوانين التى تركتهم فى الساحة دون تراخيص للمركبة او للسائق الذى غالبا ما يكون عمره اقل من17 عاما وقليل منهم لا يتعاطى المخدرات بمختلف أنواعها.

أيادى المسئولين السابقين كانت ترتعش كلما امتدت لملف التوك توك والأسباب كانت معروفة تتأرجح ما بين «باب رزق للغلابة وفاتح بيوت ناس كثيرة « و «يحل أزمة مابين خطوط المواصلات فى القرى والنجوع وسهل السيطرة عليه» و»يوفر ما يقرب من 4 ملايين فرصة عمل».

أصحاب التوك توك كانوا سعداء بهذه المبررات واستغلوها جيدا فى نسج هذا الكم من العشوائية الأخلاقية قبل المرورية فى شتى بقاع مصر.

لكن منذ أيام أصدرت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب برئاسة النائب أحمد السجينى الوصايا الخمس التى نتجت عن جلسة الاستماع والمناقشة للجنة البرلمانية بحضور وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع وعدد من القيادات التنفيذية لمناقشة قرار وزارة التجارة والصناعة رقم 533 لسنة 2021 بوقف استيراد مكونات التوك توك الأساسية من الخارج، ووضعت اللجنة تصورا لتطبيق مبادرة التقنين والترخيص والإحلال والتنظيم والرقابة لنشاط تسيير دراجات "التوك توك" على مستوى جميع الوحدات المحلية بالجمهورية، وتم إرساله للحكومة لوضعها عين الاعتبار من ضمن هذه الوصايا:

- مراعاة ضم الصناعة الوطنية العاملة فى هذا المجال لتكون جزءا من منظومة الإحلال والتجديد

- تقديم كافة التسهيلات الإجرائية والتمويلية لأصحاب التوك توك سواء المتعلقة بالترخيص للدراجة الحالية أو المرتبطة بالتمويل للمركبة الجديدة المقترحة.

- توجيه اللجنة الوزارية بضرورة اتخاذ نمط وإجراءات ومعايير موحدة للتراخيص على مستوى كافة المحافظات، لتكون معتمدة مركزيا من خلال اللجنة و مطبقة لامركزيا من خلال السلطة المختصة بالمحافظات.

- إلزام وزارة التضامن بأهمية مراجعة رسوم التأمينات السنوية المرتفعة وطرح حزم تحفيزية لجذب أصحاب" التوك توك" للانضمام للمنظومة الرسمية التى تسعى إليها الدولة بكامل مؤسساتها لتحقق المنفعة العامة على المدى المتوسط و الطويل .

وتطلعت اللجنة لإفادة اللجنة خلال مدة لا تزيد على ٦٠ يوما بالبرنامج التفصيلى الإجرائى والفنى والزمنى والجغرافى لبدء التطبيق المتدرج

كل هذا رائع كتوصيات وخطط طموحة للدولة للسيطرة على هذا الكائن المنفلت فى شوارع وميادين القاهرة.. لكن السؤال الذى يمكن أن نبدأ منه هل الناس فى الشارع تحتاج وجود هذا الشيطان الأسود "التوك توك "؟.. وهل منح التوك توك وسائقه ترخيصا سيمنع ما وصلت إليه دنيا "التوك توك "من انفلات أمنى وأخلاقى يصعب السيطرة عليه وملاحقته ليس فى الأزقة والعطوف فقط ولكن امتدت سيطرته للميادين والشوارع الرئيسية؟.. وماذا يريد الناس؟ منظومة "مينى فان"؟ أم تجديد التوك توك؟

وأصحاب "التوك توك" ما يمنعهم من الانخراط فى المنظومة الجديدة للدولة من التخلى عن "التوك توك"واستبدال "المينى فان" به التى يقترب ثمنها من ثمن توك توك بالتقسيط؟

رخصة بلطجة

يقول المهندس إبراهيم غزال من سكان إمبابة: لا نريد رؤية هذا الكائن «التوتوك» من جديد فى شوارع مصر مرة أخرى نناشد اللجان المشكلة نيابة عن أهالى منطقة إمبابة معقل سائقى التوك توك مملكة البلطجة أرجوكم لا تقننوا وضع التوك توك بل استبدلوا به "السيارات الفان" التى تطرحها الدولة ولا داعى لعلاج مشكلته بالمسكنات، فكثير من سائقى التوك توك بلطجية ينطلقون فى الشوارع والأزقة بلا رخصة ولا رقابة يحملون أسلحة بيضاء وهم شبه فاقدى الوعى تقريبا.. فنرجوكم خلصوا مصر من هذا الكابوس.

ويضيف محمد حسين مدرس من الجيزة: نخشى أن كل ما ستفعله هذه اللجان إذا قامت بالموافقة على منح رخصة للسائق و"التوك توك"وتحاول تقنين وضعهما، هو أن السائق سيحصل على رخصة للبلطجة.

رد الفعل نفسه كان فى منطقة المنيب وهى من أكثر المناطق عشوائية فى الجيزة يسيطر على وسائل التنقل فيها سائقو التوك توك، فترى عزة حنفى أن الخلاص من التوك توك سيمنع الجريمة ويقلل من نسب التحرش الجنسى بالسيدات اللاتى يركبن هذه الوسيلة القبيحة الشكل، خاصة وأن معظم من يتولى قيادة التوك توك من المراهقين وكثيرا ما تعرضت للتحرش وخوفى من أن السائق يحمل سلاحا أبيض أو يتعاطى مخدرات، يجعلنى أخاف أن أدخل معه فى مشادة خاصة وأن معظمهم يتكاتفون على الزبائن معا. فحل منح ترخيص للسائق و"التوك توك" ليس عمليا.

اقتربت كثيرا من موقف الأتوبيس بالمنيب، مما أتاح لى الفرصة للحديث مع ركاب من مختلف محافظات الصعيد وكانت ردود الفعل تقريبا واحدة فى أسيوط وسوهاج وبنى سويف والمنيا والفيوم على رفض تجديد أو منح رخص " التوك توك" وسائقه و"تكهين كل مركبات التوك توك"

يرى الدكتور موريس عوض من المنيا، أن منح الفرصة "للتوك توك" أن يعيش فى شوارعنا وحوارينا برخصة للسائق و"التوك توك" غير مقبول فى قرانا ونجوعنا وحتى فى مدن المنيا وما يتم دراسته من حلول من لجان فى مجلس النواب وفى وزارة النقل والمحافظات لإعادة تموضعه بين الناس بشكل قانونى، لن يصلح ما أفسده وجود التوك توك من قيم وأخلاقيات وما فعله فى مجتمعنا من جرائم لا تغتفر والحل المقبول لنا هو "تكهين التوك توك".

بعملية حسابية بسيطة سنجد أن المينى فان ستحقق ربحا أكثر لصاحب "التوك توك" وفى نفس الوقت ستعيد الأمان للشارع والانضباط المرورى للدولة فى ظل الجمهورية الجديدة التى نحلم جميعا بها كما يقول سيد سلامة أستاذ الاقتصاد من سوهاج فإذا كان دخل صاحب " التوك توك"200 جنيه يوميا فى ساعات عمل تصل الى 15 ساعة يوميا على "ورديتين" فإن، دخله سيتضاعف من السيارة المينى فان "أولا لأنها ستعمل بالغاز وثانيا عدد المقاعد بها 8 ركاب فى كل راكب 5 جنيهات متوسط 40 جنيها فى طريق يستغرق نصف ساعة فى متوسط 8 ساعات أى ما يعادل 320 جنيها يوميا فى وقت أقل مع توافر ميزة أن يقوم بعمل توصيلات خاصة للعائلات فى القرى والنجوع حتى فى المدن تقدر ب200 جنيه للمرة الواحدة.. لذلك من مصلحة الجميع، المواطن والوطن، وصاحب "التوك توك" التخلص منه وليس التجديد والترخيص له.

قرار وقف استيراد مكونات وإكسسوارات وقطع غيار "التوك توك" قرار فى محله، هكذا تقول إلهام حسنى من أسيوط وتدعو المحافظين ولجنة النقل بمجلس الشعب بعدم التجديد أو الترخيص للتوك توك، هذه فرصة عظيمة لن تتكرر للخلاص من "التوك توك" وسائقيه فى ظل حماسة الرئيس لبناء مصر جديدة والجمهورية الثانية.

نريد «فان» أفضل

وعلى الضفة المقابلة من الحوار كان لابد من الاستماع إلى آراء أصحاب التوك توك، لنتلمس منهم موقفهم من مبادرة الإحلال أو التجديد والترخيص والمنتظر خروج آلياتها خلال الـ60 يوما التى حددتها اللجنة فى مجلس الشعب وأرسلت للمناقشة وبحث آليات التطبيق.

عن قرب من داخل التوك توك، تواصلت مع أقرب سائق "توك توك" ساقنى إليه الطريق.. عرضت عليه ما يتم مناقشته وزدت عليه آراء الناس، فقال محمود محمد إبراهيم "صاحب توك توك": أفضل أن تقوم الدولة بأخذ التوك توك الذى أصبح عليه الكثير من الملاحظات وبدأت سمعته فى التدهور وتعطينا "العربيات الفان" ونقوم بتقسيط فرق السعر.

ويتفق معه عصام حسام "سائق توك توك" فيقول: "الفان" أفضل بحساب بسيط.. لو البعض منا استلم "الفان" بدلا عن "التوك توك" فإن سوق التوك توك سوف تتأثر لأن الناس ستفضل ركوب السيارات "الفان " كوسيلة أكثر أمانا بجانب أنها مكيفة وأنظف وأحدث، خاصة أن التعريفة فى الركوب ستكون واحدة، كما أنها ستكون مربحة أكثر لأن عدد الركاب بها ثمانية بمعنى أن المشوار الذى أربح منه 5 جنيهات، سيحقق لى 40 جنيها فى المرة الواحدة، فأنا مع "الفان" بكل تأكيد، نعم نؤيد الاستبدال لا نريد رخص سير على مركبات متهالكة بشرط واحد أن تقوم الدولة بنفس ما قامت به فى عملية إحلال وتجديد المركبات القديمة .

التوك توك والقرية

يقول الدكتور حمدى عرفة أستاذ الإدارة المحلية وخبير واستشارى البلديات الدولية وواحد ممن قاموا بالعديد من الدراسات فى كيفية التعامل مع ظاهرة التوك توك فى مصر: إن هناك بادرة أمل فى القضاء على ظاهرة التوك توك التى لا تتناسب مع شكل مصر الحضارى فى الجمهورية الثانية، حيث إن هناك 9 محافظات ترفض نهائيا الترخيص للتوك توك (القاهرة، بورسعيد، السويس، الإسكندرية، الأقصر، البحر الأحمر، الوادى الجديد، مطروح، جنوب سيناء).

ويضيف حمدى عرفة أن عدد التكاتك فى مصر ٤ ملايين وفقا للجنة النقل والمواصلات، فالتكاتك المرخصة تبلغ 226.7 ألف توك توك فقط وفقا للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد التكاتك غير المرخصة، مليونان و780 ألف توك توك.

وهناك 38% من سائقى التوك توك أطفال تحت ١٨ عاما وقرار وزارة التجارة والصناعة، تأخر كثيرا بوقف استيراد إكسسوارات التوك توك لأنها تعلم أنه يتم تجميعها هنا فيكفى أن تعلم أن مصر فى كل عام يضاف إلى رصيد العشوائية فيها 250 ألف توك توك جديد يتم تجميعه.. والحل فى المينى فان وأعتقد أن الحكومة ستراعى البعد الاجتماعى فى تحديد فرق السعر بين التوك توك والمينى فان أو تمنحهم السيارات بالقسط دون فوائد مع حظر البيع لها مدى الحياة.

كما أن هناك حلا آخر، فهناك 4726 ألف قرية وحوالى 31950 كفرا ونجعا، فيمكن ترخيص التوك توك بها مع وقف الاستيراد، تقوم الدولة ببيع التكاتك بعد جمعها من الراغبين فى الاستبدال بالمينى فان، وترخيصها لهم لأن القرى ستتحمل وجود التوك توك المقنن لأن الشوارع ضيقة والطرق غير ممهدة للمينى فان.

لسنا ضد الإحلال والتجديد

تقول نجلاء سامى رئيس النقابة المستقلة للدراجات البخارية ورئيس شعبة التوك توك به، لسنا ضد الإحلال، لكن بشرط ألا يكون إجباريا.. صحيح مشاكل سائقى التوك توك لا تنتهى من تعاطى المخدرات والبلطجة والسرقة وربما تصل لجرائم القتل فى بعض المناطق النائية وطبعا لأنه لا يحمل رخصة قيادة لأنه غالبا ما يكون السائق تحت 17 سنة ولا يوجد له خط سير. فيصعب على الأجهزة تعقب الفاعل وإن كان لا ينجو بفعلته فى كل الأحوال، لكن كل هذه المشاكل يمكن حلها بتحديد خط سير ومنح رخصة لمن تجاوز 18 سنة، مما يضعهم تحت طائلة القانون ويجعلهم ملتزمين ويشفع لهم بأن يتم تقنين وضع سائقى التوك توك أن فى مصر 6 ملايين توك توك يعملون على كل التكاتك، وعلى أقل تقدير اثنان من السائقين على كل توك توك، يعنى لدينا 12 مليون أسرة تأكل من هذا التوك توك .. كما أن"المينى فان" المقترحة لن تكون عملية فى الحوارى الضيقة، فيمكن قصرها على المدن والشوارع الكبيرة.

وتضيف نقيب العاملين بالتوك توك. تقدمنا كثيرا بخطط للدولة وللأحياء والأقسام للسيطرة على التوك توك فى الشوارع بمنحهم الترخيص وتحديد خطوط السير وأكثر من ذلك، قدمنا مقترحا حتى يكون التوك توك مصدر دخل للدولة أن يكون التوك توك وسيلة إعلانات متحركة لإعلانات الشركات الكبرى التى ترغب فى الوصول للقاعدة الشعبية فى مصر لتوضع على ظهره بدلا من الكسوة السوداء التى يحملها وتقدمت بمقترح آخر ليكون التوك توك مصدرا ماليا للأحياء، فطلبنا بعمل مواقف يحصل منها "كارتة" للدولة وننتظر منهم الردود وكل ما نأمل فيه أن يتم التقنين لمن يرغب لأن سعر التوك توك بلغ 50 ألف جنيه، فكيف سيتم تعويض من يرغب فى الاحلال خاصة وان معظمهم اشتراه بالقسط؟.

(نقلا عن الاهرام المصرية)