• عربي ودولي

    "التأثير المروع".. أفلام بوليسية تحولت إلى جرائم في الواقع


    846 قراءه

    2021-12-10 19:27:56

    هذا بالفعل ما حصل مع أحد مشاهد فيلم "الجوكر" الذي يركز على شخصية معقدة، مريضة نفسيا تحس بالظلم والقهر الاجتماعي، إذ هاجم شاب ياباني ركابا بسكين على متن قطار أواخر الشهر الماضي، مرتديًا زيّ "الجوكر".

    وتسبب الشاب الذي انتهز فرصة عيد "الهالوين" التنكري بإصابة 17 شخصا، وكأنه نسخ مشهد "الجوكر" في أحد عربات مترو نيويورك حيث يقتل 3 شبان بعد موجة ضحك هستيرية.

    وأثناء التحقيقات، لم ينف المتهم للمحققين أنه "مولع بشخصية الجوكر وكان يريد قتل أكبر عدد ممكن من الناس".

    تأثر سهل

    ويرى الخبير في علم الإجرام، رشيد المناصفي، أن "طريقة التنفيذ وتوقيته ومكانه، دليل على تخطيط مسبق مما يعني أن الشاب الياباني ينتمي إلى تلك الفئة الهشة من المجتمع التي تعاني من اضطرابات نفسية، ومن الممكن أن تتأثر بسهولة وبشكل سلبي ببعض الشخصيات في الأفلام والمسلسلات".

    ويضيف في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، "ارتداءه لزي الجوكر كان يهدف للوصول إلى الشهرة والبروز".

    وهذا الفشل في استخلاص العبرة من قصص الأفلام، وتقليد الجانب السيء منها يظهر أيضا في عمليات سرقة البنوك التي تستهوي العديد من كتاب السيناريو عبر العالم.

    ويقول الخبير في علم الإجرام، إن "الجريمة فعل موجود منذ أن خلقت البشرية، وهي تتطور في أساليبها مع مرور السنين. لكن لا يجب إغفال دور الدراما في صنع مشهد مجتمعي يفتقر للمبادئ والأخلاق ولا يصحح ما أفسده الزمن" بجعل السارق بطلا والقاتل مريضا أو مضطرا أحيانا.

    "هيت"... الفن في خدمة الفايد

    وهذا ما حصل مع رضوان الفايد أشهر لصوص فرنسا، الذي صرح أنه "يهوى أفلام السرقة"، و"يرجع لها الفضل في تنفيذ أنجح عملياته".

    ولكن كان هناك فيلم واحد يحفظه الفايد عن ظهر قلب، وهو الفيلم الأمريكي "هيت" للمخرج مايكل مان الصادر عام 1996 والذي سيكون مصدر إلهامه.

    في تصريح إعلامي للص الفرنسي عام 2010، قال "رأيت الفيلم سبع مرات في السينما، مئة مرة على "دي في دي" من أجل الوقوف عند كل تفصيل لتنفيذي هجومي".

    وبالفعل، خلال هجوم على حافلة لنقل الأموال، استخدم رضوان ورفاقه أقنعة حراس مرمى لعبة هوكي الجليد، مثلما فعل الممثل روبرت دي نيرو في فيلم "هييت" واستطاع الاستيلاء على الأموال المنقولة في الحافلة.

    كما أنه كان معجبًا كبيرًا بالمخرج، فقد ذهب إلى حد لقائه خلال "درس سينمائي" خصص له في "سينما تيك دو باريس" عام 2009 حيث أخبره أنه كان مستشاره الفني في عدة سرقات نفذها.

    وفي كتابه "Robber of the Cities with Big Banditry" الذي نُشر في نوفمبر 2010، يروي رضوان الفايد أيضًا كيف لعب مشهدا في فيلم "سليبرز" مع روبرت دي نيرو" في عملية سطو عندما كان في المدرسة الابتدائية فقط.

    وفي المقابل، يقول المناصفي إن "المجرم المحترف لا يحتاج لتقليد أبطال الدراما الأشرار، لأن ذلك من صفات المبتدئين الذين يشقون طريقهم في الإجرام دون سابق معرفة، وينتمون للطبقة الفقيرة، أو أولئك المرضى النفسيين سريعي التأثر".

    "ذا تاون"...فخ التفاصيل

    وفي عام 2012، هاجم كذلك ثلاثة لصوص بنكًا في كوينز الأميركة بنفس طريقة عمل المجرمين التي استخدمها الممثل الأميركي بين أفليك في فيلم "ذ تاون".

    يحصل الرجال الثلاثة على أقنعة سيليكون، من صنع شركة مكياج محترفة تتعاون بانتظام مع صناع السينما.

    بعد ذلك، وبمساعدة أحد موظفي البنك الذي هددوه، نجحوا في نهب 200 ألف دولار، متنكرين في زي ضباط الشرطة ثم قاموا بصب مادة التبييض في جميع أنحاء مسرح الجريمة لإزالة آثار الحمض النووي.

    ومع ذلك، لم يكن اللصوص حذرين مثل "دوغ" بطل الفيلم، فقد قاموا بشكر شركة المكياج على جودة أقنعتهم. فربطت الشرطة بسرعة بين هذه الرسالة والسرقة التي تم تنفيذها مما أتاح القبض على الجناة.

    مجرد عامل

    في المقابل، ووفقا لخبير علم الإجرام، لا يمكن أن الإنحاء باللوم على الدراما لوحدها على هذا التقليد الأعمى، بل حتى تربية الأسرة والمدرسة والمجتمع. "إذا اختل أحد هذه الأسس فقد تدفع الكثيرين إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم وما هذه الأفلام إلا محفز على الانطلاق".

    ويختم المناصفي قوله في هذا الشأن "لا يجب الحكم على أي مجرم دون الرجوع إلى الظروف التي دفعته لذلك. هل تربى في أسرة تستخدم أسلوب الترهيب والتهديد والعنف والإجبار؟ هل قامت المدرسة بدور الإرشاد والتوجيه؟ هل البيئة التي نشأ فيها حافلة بالسلوكيات الإيجابية أم السلبية؟".



    مصادر 24 قارئ إخباري مستقل حيث والمواد الواردة فيه لا تعبر عن رأي الموقع ولا يتحمل اي مسؤولية قانونية عنها  
    جميع الحقوق محفوظة لدى مصادر 24