بيت السينما.. عندما يلتقي عبق جدة التراثية بالإبداع في مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2024

في أجواء تاريخية فريدة تستضيف منطقة "البلد" في جدة التراثية هذه الأيام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2024 بفعالياته المميزة؛ إذ يلتقي عبق الماضي بروح الإبداع السينمائي، ليجمع عشاق الفن السابع من مختلف أنحاء العالم في احتفاء متجدد بسحر السينما، وعلى الرغم من قصر عمره؛ فإن مهرجان البحر الأحمر السينمائي استطاع أن يثبت أقدامه باعتباره محفلاً سينمائياً عالمياً استثنائياً يجمع أقطاب صناعة السينما من كل مكان، في ظل ما تمثله مدينة جدة ومنطقة البحر الأحمر من قيمة ثقافية مميزة تتماهى فيها الثقافات العربية والإفريقية مع ثقافات العالم في توليفة مدهشة أخاذة تعبر عن أهمية الفن والإبداع بوصفه لغة للتفاهم والسلام بين الشعوب، وفق هذه الرمزية الثقافية، انطلقت الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي 2024 بفعاليات مميزة تستمر حتى 14 من ديسمبر الجاري، بمشاركة 81 دولة تعرض 120 فيلماً بينها 66 فيلماً عربياً، و34 سعودياً، تحت شعار: "للسينما بيت جديد".

من قلب عروس البحر الأحمر.. انطلاق الدورة الرابعة من #مهرجان_البحر_الأحمر_السينمائي_الدولي اليوم من #جدة_التاريخية إحدى المناطق المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو#للسينما_بيت_جديد#سيدتي_في_مهرجان_البحر_الأحمر#RedSeaIFF24#TheNewHomeOfFilm@RedSeaFilm pic.twitter.com/S2HTHqRHqw

"للسينما بيت جديد" ليس شعاراً عادياً أو علامة على دورة عادية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، بل هو مضمون وهدف وغاية حيث يسعى المهرجان إلى أن يكون البوتقة التي تحتضن وتجتذب مبدعي السينما وصناع الأفلام من جميع أنحاء العالم، مع التركيز على دعم وتشجيع المشاريع الفنية والسينمائية ما بين الشرق والغرب؛ فقد هدف المهرجان منذ إرهاصاته الأولى لتعزيز مكانته بوصفه منصة عالمية جامعة للتواصل ولاكتشاف آفاق سينمائية جديدة، حيث سيتحول قلب مدينة جدة التاريخية إلى مركز ثقافي ملهم يلتقي فيه عشاق السينما من جميع أنحاء العالم، ولذلك فاختيار القائمين على المهرجان شعار "للسينما بيت جديد" هذا العام لم يكن أبداً من قبيل المصادفة، بل كان عن قصد؛ فقد جاء بوحي من بيوت جدة البلد التاريخية والتراثية، حيث سيستقر المهرجان في مكانه الجديد في مقر دائم في جدة البلد.
يحتضن المقر الجديد في ميدان الثقافة ست صالات سينمائية فاخرة بجانب قاعة عرض رئيسية، والمبنى ذو سياقات معمارية ذات سمة تراثية مميزة حيث يزدان بالرواشين والنقوش والزخارف التي تعكس أصالة التراث المعماري العريق بالمنطقة.

تُعد بيوت جدة القديمة أحد أهم الأسباب التي ألهمت المهرجان لانتقاء شعاره فبيوت "بيت ناصيف" و"بيت متبولي" و"بيت الشربتلي" التي تقع وسط المباني التاريخية المصنوعة من الحجر المرجاني والمزيَّنة بالرواشين الخشبية الملونة في البلد، تُعج بالقصص والحكايات التي كونت تاريخ البلدة القديمة ثقافياً وحضارياً حيث تبرز الأصالة التي تتميز بها عمائر جدة بطُرُزها الإسلامية ابتداءً من الواجهات الخارجية وانتهاءً بروح الإبداع المعاصر في التصاميم الداخلية، ولقد شيدت هذه المباني في منطقة جدة التاريخية في شوارع ضيقة تربط بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب لاستغلال رياح البحر، وهي مصممة لتلقي الظلال على بعضها بعضاً من أجل تقليل أثر درجة الحرارة والرطوبة الشديدة، ولا يزال الاعتراف بمكانة هذه المنطقة يتوالى بعد موافقة لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو على اعتماد "جدة التاريخية" ضمن قائمة التراث العالمي الذي تجب المحافظة عليه وتطويره، والذي يتوزع على مساحة كيلو متر مربع ما يزيد على 400 منزل تاريخي، فصمدت واستطاعت البقاء لتروي لنا قصص سكانها وتجارها ممن بنوا نهضة اجتماعية وثقافية واقتصادية، وبقيت ذكراهم معلقة بتلك البيوت ورواشينها وحواريها وأسواقها وبقايا سورها العتيق.
قد ترغبين في التعرف إلى: أبرز المعلومات عن سور جدة وبواباته التاريخية

يستكمل المهرجان في دورته الجديدة مسيرته التي انطلقت عام 2021، حيث أصبح منصة رائدة لإعادة تعريف دور السينما في المنطقة، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي حدث ثقافي إبداعي مهم صار يشغل مساحة بارزة ليس على صعيد السينما العربية فحسب، وإنما على الصعيد العالمي أيضاً، فرؤيته الطموحة لم تعُد تقتصر على عرض الأفلام، بل امتدت إلى مساحة أشمل بتمكين صناع السينما بالوطن العربي كله، حيث يعكس الحدث التزام المملكة برؤية 2030، التي تهدف لتحويل السعودية إلى مركز عالمي لصناعة السينما والترفيه؛ فلقد أثبت المهرجان، عبر دوراته الثلاث السابقة، أنه ليس مجرد تجمع سينمائي، بل منصة فاعلة تجمع الإبداع والتمكين، التراث والابتكار؛ فمكانته تُعتبر محركاً رئيسياً لرؤية المملكة 2030 التي تسعى لتحويل السعودية إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة السينما والترفية، ويحتفي المهرجان بعرض أفضل إنتاجات السينما العربية والعالمية في مدينة جدة، حيث ينطوي البرنامج السينمائي للمهرجان على فئات وأقسام متنوعة من الأفلام من جميع أنحاء العالم، تبدأ من الكنوز السينمائية الدفينة المرمَّمة بأحدث تقنيات العرض، وتنتهي بأفلام المواهب الواعدة، كما يلعب المهرجان كذلك دوراً محورياً في دعم صناع الأفلام الشباب، كذلك يلعب المهرجان دوراً رئيسياً في خطة المملكة للتحول إلى اقتصاد أشمل ومتنوع بحلول 2030 التي تتبناها السعودية، ونجح في إبراز دور المملكة في مجال صناعة الأفلام والترفيه حتى إنها أصبحت واحدة من أهم الوجهات السينمائية العالمية.

كما يستضيف المهرجان نخبة من المواهب الفنية وصنَّاع الأفلام ومحترفي الصناعة من العالم العربي وباقي أرجاء العالم عبر منصته، جنباً إلى العديد من مسابقات الأفلام في الفئات الطويلة والقصيرة، مع احتضان الحفلات الموسيقية، واستضافة العديد من الندوات وورش العمل التي تهدف إلى دعم وتنمية وتشجيع المواهب الصاعدة، وسترحب الجلسات الحوارية علي هامش المهرجان بضيوف مميزين من جميع أنحاء العالم لمشاركة رؤاهم وشغفهم تجاه صناعة الأفلام، كما ستنضم مجموعة متنوعة من النجوم السينمائيين إلى عدد من المتحدثين، وخوض مناقشات مع المعجبين ومحبي السينما، وستُقام الجلسات الحوارية في المقر الجديد والنابض بالحياة في "البلد" جدة التاريخية.
وإذا تابعت الرابط التالي فستتعرفين أكثر إلى المهرجان عبر الرابط: جدة التاريخية تحتضن حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي