|
مختارات
الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة: تراثنا البحريني بجماله وتنوعه شكّل هويتي
"الألوانُ توقظُ شيئاً في الروح، والفنُّ جزءٌ من الثقافةِ العامَّة، والمحرِّكُ للإبداعِ والجمال". كلماتٌ، استهلَّت بها الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة الفنانة التشكيلة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة نواة لقاءنا. ابنةُ مملكةِ البحرين شخصيَّةٌ نادرةٌ، وغنيَّةٌ عن التعريف، تبنَّت حالاتِ العمقِ الثقافي والفني العربي، وتركت بصمةً إبداعيَّةً خاصَّةً، علت بها هويَّة وطنها بلغته العربيَّة في فضاءاتٍ واسعةٍ. الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة فنَّانةٌ تشكيليَّةٌ بحرينيَّةٌ شغوفةٌ بالتعليم المُتحفي. أيقظت الألوانُ مساحاتٍ من روحها، وأسرَ التشكيلُ تفكيرها، وإلهامها. هي تؤمنُ بدورِ المؤسَّساتِ الثقافيَّة في تعزيزِ المعرفة، وتعريفِ المجتمعاتِ بالتاريخ، وتحفيزِ العقولِ المبدعة التي تساعدُ في نهضةِ المجتمع. عملت على تطويرِ مجموعةٍ واسعةٍ من البرامج، بينها الغذاءُ ثقافة، وأفلامٌ وثائقيَّةٌ ضمن مشروعِ "التاريخ الشفهي"، والحفاظُ على التراثِ غير المادي، ومبادرةُ فنَّان في مدرسة. أنتمي لعالمِ الفنونِ منذ الصغر، ودائماً ما يكون مصدرَ الإلهام لي. للألوانِ أهميَّةٌ كبيرةٌ عندي، وتُحفِّزني لإيقاظِ شيءٍ في الروح. التشكيلُ والألوانُ لها أكبر الأثرِ في قلبي، ومنها أستمدُّ مساحاتٍ واسعةً للتفكيرِ والتأمُّل والإلهام، أمَّا الثقافةُ فجزءٌ من النسيجِ النابض لأي مجتمعٍ، وتراثنا بجماله وتعدُّده، يُشكلِّ كلَّ أجزاءِ هويَّتي. المرأةَ في بلادنا، حظيت منذ القِدم بمحطَّاتٍ مهمَّةٍ، وأرى في تمكينها استمراريَّةً لماضي جدَّاتها وأهلها. أعتقدُ أن المرأةَ الخليجيَّة العصريَّة، أخذت الموروثَ الأجمل، وعملت على إيصالِ هويَّة وطنها إلى العالم. الموهبةُ دون صقلٍ وتعليمٍ وتدريبٍ، لن تصلَ إلى أقصى مداها. الموهبةُ نعمةٌ من الله، لكنْ كلُّ فنَّانٍ مبدعٍ، وكلُّ حِرفي متقنٍ لحِرفته، وكلُّ مَن يحظى بموهبةِ الكتابة، يجبُ عليه أن يُثابرَ في العلم، ما يفتحُ أمامه آفاقاً أوسع للتطوير. كذلك عليه أن يواكبَ المشهدَين المحلي والدولي. من المهمِّ أن نرى، ونقرأ، ونستمع إلى الخبراتِ في مجالِ عملنا لنزيد مساحةَ المعرفةِ لدينا. بالنسبةِ للحركةِ الفنيَّة في منطقتنا، هي تحظى بكثيرٍ من الدعم، ونرى ذلك في المواسمِ الثقافيَّة والفنيَّة، وفي المؤتمراتِ، والندواتِ، والمعارضِ، وبيناليَّاتِ الفنونِ الدوريَّة، والمتاحفِ المتجدِّدة التي تكسرُ الهويَّة المحليَّة، وتحاكي المتلقي من خلال أعمالٍ فنيَّةٍ متنوِّعةٍ. أعتقدُ أن الهويَّة العربيَّة حاضرةٌ في ذهنِ المبدعِ والمبدعة، والفنَّان والفنَّانة من الجيلِ الجديد، لكنْ هناك عتبٌ مني بأننا في الكلامِ والكتابة، تطغى علينا اللغةُ الأجنبيَّة بوصفها مساراً أسهل للتعبير، وننسى عمقَ وأهميَّة المحافظةِ على هويَّتنا بلغتنا العربيَّة! أتمنَّى حقاً من الجيلِ الجديد من الفنَّانين الرجوعَ إلى هذه اللغةِ الغنيَّة، والاعتزازَ بها أكثر لتبقى صامدةً أمامَ كلِّ التحدِّيات والعولمة التي تحيطُ بنا، وفي هذا الإطار، أسترجعُ كلماتِ الشاعر أحمد شوقي عندما قال:إن الذي ملأ اللغاتِ محاسناً جعل الجمال وسره في الضاد. التحدِّيات التي تواجه أي فنَّانٍ سواءٍ في أوطاننا، أو في العالم، أن يكون صادقاً لفنِّه بمعنى أن يقدِّم عملاً، يحرِّكُ المشاعر، ويُشكِّل بصمةً نوعيَّةً في عالمِ الفنون، وهذا هو التحدِّي الأكبر. الفنُّ جزءٌ مني، وهو المحرِّك الطبيعي للعملِ في الفنون بكافة فروعها، ويُغني النفسَ، ويكون محوراً أساسياً للمكان. الفنُّ هو جزءٌ من الثقافةِ العامَّة، والمحرِّك للإبداعِ والجمال. هناك تجاربُ كثيرةٌ، وكلّها مهمَّةٌ، ولها بصمتها الخاصَّة. أنا ابنةُ هذه المنطقة، وأشعرُ بفخرٍ كبيرٍ للمكانةِ التي بلغتها الفنون في أوطاننا، لا سيما دولُ مجلسِ التعاون الخليجي، إذ ركَّزت على بناءِ متاحفَ على أعلى مستوى، خلقت مناخاً ثقافياً متكاملاً، ووفَّرت مساحاتٍ جديدةً للعمل، كما تعدَّدت التخصُّصات التي تحتاج إليها هذه المؤسَّساتُ والمتاحف، وهذا دورٌ مهمٌّ وريادي، يسهم في دعمِ قطاعِ الاقتصادِ الثقافي، ونموِّ الصناعاتِ الإبداعيَّة. ممتنَّةٌ حقاً للدعمِ الذي تلقَّيته من والدي ووالدتي منذ الصغر. دعمُ الأسرةِ من أهمِّ الأسسِ التي تولِّد الثقةَ بالنفس، وتدفعُ الشخصَ لتحقيقِ أحلامه. أهلي، هم الداعمُ الأوَّلُ لي، وبفضلِ ذلك تمكَّنت من دراسةِ الفنونِ في المرحلةِ الجامعيَّة، وللعلم لم يعترض أحدٌ منهم على دخولي هذا التخصُّص الذي فتح لي آفاقاً واسعةً للعملِ تحت مظلَّة الفنونِ والثفافة. في رأيي، الأسرةُ هي التي تكتشفُ أي موهبةٍ لدى الأبناء، وتقدِّم التربيةَ الجميلةَ المفتوحةَ على التنوُّع، والمؤمنةَ بأن للموهبةِ مساحةً كبيرةً للنمو، وتساعدهم في التقدُّم، وتطويرِ موهبتهم، لأنها تُشكِّل منذ الصغرِ مجالَ العطاءِ والعملِ في المستقبل. الأبناءُ نعمةٌ من رب العالمين، والأمومةُ شعورٌ جميلٌ. بالطبع، هي تجربةٌ، تعلَّمتُ منها الكثير، أمَّا علاقتي بأبنائي فأساسها المحبَّة، والشفافيَّة في التعامل، والصداقة، وهذا مهمٌّ لكسرِ أي حاجزٍ من الخوف، أو الشعورِ بالحرج. أتعاملُ معهم بالمحبَّة، وأتلقَّى منهم أضعافها دائماً. أهم درسٍ تعلَّمته في مسيرةِ العملِ بالمؤسَّسات الثقافيَّة وغيرها ضرورةُ حبِّ العملِ نفسه. أنا مؤمنةٌ بأن العملَ المتقنَ أساسه الإيمانُ بالهدفِ ومحبَّته. دون ذلك، لن نتقدَّم، ولن يكون لنتاجنا قيمةٌ. المحرِّكُ الأساس، هو الإيمانُ بالعملِ نفسه، والاشتغالُ عليه بقلبٍ محبٍّ ومؤمنٍ به، فأي عملٍ، حتى ينجح، يجبُ أن يكون محاطاً بقلوبٍ صادقةٍ، مع تكوين فريقٍ داعمٍ للرؤيةِ والهدف. الفنونُ والثقافةُ الجسرُ الحيوي بين الأوطانِ والشعوب، والقوى الداعمةُ للتحرُّك، ونقلِ المعارفِ بين المجتمعاتِ المتنوِّعة. ما يميِّز البحرين، والحراك الثقافي والفنِّي فيها، أنها تمتلكُ طاقاتٍ كثيرةً من الشبابِ المبدعين، وأرضها حاضنةٌ للمواهب، وداعمةٌ لتطوُّرهم. هذا النسيجُ الثقافي الكبيرُ والعميق، أعطى للمبدعين الشباب مساحةً كبيرةً للعطاء. أنا مؤمنةٌ بأن للحضارةِ والتاريخِ والهويَّة المحليَّة دوراً كبيراً في المشهدِ الثقافي الحالي. نصيحتي للشبابِ المبدعين، أن يفتحوا بابَ المعرفةِ دائماً، وأن يصغوا لكلِّ فكرةٍ جديدةٍ، وأن يستمدُّوا من ثقافتهم وهويَّتهم المحليَّة، وتجاربهم الخاصَّة، ليكون العملُ المقدَّم منهم صادقاً، ويحمل جزءاً منهم. الفنُّ بالنسبةِ لي، يُترجِمُ الحالةَ النفسيَّة التي تحيطُ بي، فالقلقُ في أحيانٍ كثيرةٍ، يولِّد لوحةً مهمَّةً، وفي أخرى، يكون الهاجسُ الذي يحرِّكُ العملَ الفنِّي، ليس إلا رسالةً معيَّنةً، فيكون هذا العملُ مُترجماً. في أعمالٍ عدة لي، كانت هناك رسائلُ محدَّدةٌ مثل موضوعِ «القرقور»، أداةُ صيدٍ محليَّةٌ، إذ تكرَّرت في عديدٍ من الأعمال الفنيَّة التي اشتغلتُ عليها، و»برقع» الطيرِ الذي ألهمني في أعمالٍ كثيرةٍ، وموضوعُ الحربِ والتشرُّد واستخدامِ القوارب التي تنقلُ البشرَ بشكلٍ مؤلمٍ من مكانٍ لآخر بحثاً عن حياةٍ أفضل وأكثر أماناً. هذه الموضوعاتُ تلهمني لاكتشافِ لغةٍ فنيَّةٍ، تبيِّن لوحةً مرسومةً، أو عملَ تركيبٍ، يحملُ في تفاصيله رسالةً ما. القراءةُ، والطبخُ، والاستمتاعُ بالطبيعة، فالبحرُ مهمٌّ بالنسبة لي، وأن أكون بالقرب منه دائماً، يبعثُ ذلك في نفسي شعوراً بالطمأنينة. أحبُّ أيضاً قضاءَ أوقاتٍ مع الأهلِ والأصدقاء. السفرُ مهمٌّ للتجديدِ، والتعلُّم، والاستمتاعِ بأجواءٍ مختلفةٍ. طبعاً زيارةُ المتاحفِ، والاكتشافُ أكثر ما يشدُّني. أحبُّ رؤيةَ مجتمعاتٍ مختلفةٍ، والتعرُّف على ثقافاتٍ أخرى. مجلَّة «سيدتي» على امتدادِ أعوامِ إصدارها، تميَّزت بعطائها الكبير. حالياً هناك تطوُّرٌ نوعي، نشهده في محتواها وصفحاتها، وهي دائماً ما تركِّز على إظهارِ أجمل ما نمتلكه في وطننا العربي. سعيدةٌ لكوني جزءاً من صفحاتِ هذا العددِ المميَّز الذي يحتفلُ ببلادي مملكة البحرين في عيدها، وأتمنَّى لوطني ولكلِّ الدولِ العربيَّة النماءَ والازدهارَ والسلام.
تنسيق | زهراء الخالدي Zahra AlKhaldi
تصوير | علي رفاعي Ali Rifai
علاقات عامة | إيمان الصراف Eman AlSarraf
تصفحوا النسخة الرقمية لـ عدد ديسمبر 2024 من مجلة سيدتي
عباية من AKS
تؤمنُ الشيخة هلا بأن الأمورَ تبدأ بهذا الشكل، بفكرةٍ صغيرةٍ، ثم تنضجُ، وتتطوَّر. هذا الشغفُ النادر، ورثته من أمها، رائدة المشهدِ الثقافي والفني العربي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، التي علَّمتها أن التاريخَ القديم، يُغذِّي تصوُّرات الحاضر، كما يمكن لمؤلَّفاتِ المؤرِّخين القائمةِ على التأمُّل في التاريخ، أن تُغذِّي الرؤى المعاصرةَ للمتاحف، وطريقةَ عرضِ المجتمعات، ودراستها من خلال إبداعاتها الفنيَّة.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط.
كيف ترين إسهاماتِ المرأةِ الخليجيَّة في تسليطِ الضوء على المتاحفِ، والتوعيةِ بأهميَّتها عبر المبادراتِ التي تقودها نساءٌ مثلكِ، والشيخة الميَّاسة آل ثاني، والشيخة لطيفة آل مكتوم، والأميرة هيفاء بنت منصور آل سعود، وليلى الدباغ.
للمرأةِ الخليجيَّة بصمةٌ واضحةٌ في مجتمعنا. في الساحةِ الفنيَّة والثقافيَّة، مثلاً، هناك نساءٌ، أطلقن بعلمهن وشغفهن نهضةً واضحةً، لذا نفخرُ ونعتزُّ بإبداعاتهن. إنهن بعملهن وتفانيهن، يُسهمن في خلقِ أجملِ المساحاتِ للنصوصِ في هذا القطاع.
نقترح عيك متابعة هذا اللقاء مع الشيخة بدور القاسمي
لكلِّ فنَّانٍ لغته الخاصَّة في التعبير، لكنْ عندما يقدِّم عملاً ما، لابدَّ لرسالته أن تكون عميقةً، وأن تحمل شيئاً فريداً بالنسبة إليه.
نقترح عليك متابعة اللقاء مع سيدة الأعمال البحرينية آمال المؤيد
كما اخترنا لك اللقاء مع البروفيسورة مناهل ثابت
يمكنك أيضًا التعرف على الشيخة مروة آل خليفة رئيسة جمعية البحرين للفنون التشكيلية
لابدَّ من الإيجابيَّة والابتسامة. الحياةُ مملوءةٌ بالتحدِّيات، لكنَّني أحاول دائماً البقاءَ متمسكةً بالأمل. التفاؤلُ، هو الإيمانُ الذي يؤدي إلى الإنجاز، وكما قال الشاعرُ أبو القاسم الشابي: خُذِ الحياةَ كما جاءتكَ مبتسماً في كفِّها الغارُ أو في كفِّها العدمُ.
بعيداً عن الفنِّ، ما الأنشطةُ التي تحبِّين ممارستها خلال أوقاتِ الفراغ؟
ما رأيك بمتابعة هذا اللقاء مع سيدة الأعمال البحرينية ناهد إسحاق
مشاهدة
الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة: تراثنا البحريني بجماله وتنوعه شكّل هويتي
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة: تراثنا البحريني بجماله وتنوعه شكّل هويتي قد تم نشرة ومتواجد على سيدتي تطوير الذات وقد قام فريق التحرير في مصادر 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.