|
اخبار محلية
براغماتية أحمد الشرع… هل نحن أمام إسلام سياسي جديد أم تلون مرحلي؟
صبحي نايل تفاجأ العالم ببداية الحراك السوري بعد وقف إطلاق النار في لبنان مباشرة، واختراقه لنظام الأسد في أيام معدودة، وهو مؤشر على تراجع النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة، فقد كانت الإدارة الإيرانية هي الداعم الأول لكل من حزب الله وبشار الأسد، وتضمنت شروط وقف إطلاق النار في لبنان عدم حمل السلاح إلا للسلطات اللبنانية الشرعية المطالبة بحماية الأراضي اللبنانية، وهو شرط يحمل نهاية حزب الله العسكرية، ولم يقف الحضور الروسي في المشهد السوري عند حدّ التدخلات السياسية والدعم المادي، بل كان الحضور العسكري واضحاً وليس قليلاً. وكان استقبال سقوط بشار الأسد من قِبل السوريين وغيرهم استقبال التحرر من قيد ظل نصف قرن، وعنى سقوطه بالنسبة إلى الحكومات الأوروبية إغلاق ملف اللاجئين السوريين، وهو ملف ضاغط على العديد من الدول، واهتمت به الحكومات الأوروبية اهتماماً كبيراً لما يمثله من زعزعة استقرار الدول الأوروبية، ورأى البعض أنّ ضغط ملف اللاجئين أحد أهم الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية للتدخل وإنهاء الأزمة السورية. ولا تكون الأزمات الناشئة بعد سقوط أيّ نظام هينة بكل حال من الأحوال، خاصة إذا كان نظاماً يحكم بالحديد والنار مثل نظام الأسد، ولكنّ المفاجأة كانت في استقرار الأمن داخل الدولة السورية بشكل سريع وكبير. وتزّعم أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) قائد هيئة تحرير الشام قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا، وأثار ارتباط الشرع قبل ذلك بالتنظيمات الإرهابية، مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وتنظيم القاعدة، وإدراج هيئة تحرير الشام على قائمة الإرهاب، أثار قلقاً كبيراً، وهذا يجعل العالم في حالة ترقب وتأهب شديدتين. وقد تعامل أحمد الشرع مع التخوف والترقب العالميين للوضع السوري بجدية وحنكة دبلوماسية، وجاء رده على إضرام مجموعة ملثمة النيران في شجرة الكريسماس في مدينة السقيلبية، ذات الغالبية المسيحية الأرثوذكسية، في محافظة حماة، وخروج مظاهرات مسيحية منددة بالحادثة، بإعلان 25 و26 كانون الأول (ديسمبر) إجازة رسمية في الدولة السورية بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، وهو ردّ يعبّر عن التغييرات التي تطرأ على أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام، وتنازله عن اسمه الحركي (أبو محمد الجولاني)، وعن زيه العسكري واتجاهه نحو العمل السياسي. تراجع النفوذ الإيراني وتقدم النفوذ التركي “إذا خسرنا سوريا، فلا يمكن أن نحتفظ بطهران” هذه العبارة قالها الأستاذ بحوزة قم الدينية ورئيس “مقر عمّار الاستراتيجي للحروب الناعمة” مهدي طائب في صيف 2015، ويُعدّه الكثيرون العقل المدبر وغرفة التخطيط للحرس الثوري الإيراني، وهي عبارة توضح مدى العلاقة بين إيران ونظام الأسد من جهة، وتوضح أهمية سوريا وحدود النفوذ الإيراني في سوريا من جهة أخرى، فمقارنتها بطهران يعني أنّها جزء من الكيان الإيراني. وهكذا تُفهم عبارة زعيم سوريا الحالي وقائد إدارة العمليات العسكرية “ما حققناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة، أعاد المشروع الإيراني في المنطقة (40) سنة إلى الوراء”، والواقع أنّ ما صنعته فصائل المقاومة بعد الانتهاء العسكري المحتمل لحزب الله في لبنان هزيمة كبيرة للنظام الإيراني. وفي الوقت نفسه كان رفع العلم التركي على قلعة حلب في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الجاري تعبيراً عن الحضور التركي في هذه الهزيمة وإعادة رسم المشهد السياسي في سوريا. وقد بنيت العديد من الرؤى حول سوريا ومستقبلها على نمط الإدارة التركي الذي يتضمن حكومة إسلامية ونظاماً علمانياً يتعامل مع المواطنين بمسافة واحدة من الدولة، والواقع أنّ هذه الرؤى تحسب على الإسلام السياسي، حيث يمثل أردوغان نموذج الحاكم المثالي في ذهن الإسلام السياسي، ويحضر أردوغان عادة في أيّ مقارنة أو أيّ تحدٍّ يتم بين الإسلام السياسي وبقية الفصائل. ورغم أنّ شعبية أردوغان كانت قد تراجعت بشدة في الفترة الأخيرة، مع تراجع شعبية الإسلام السياسي وفشله السياسي والاجتماعي، ممّا دفعه للتخفف من حمولة فشل الإسلام السياسي والحد من دعمه لجماعات الإسلام السياسي خاصة الإخوان، فإنّه يطل من جديد من خلال المشهد السوري، ومعه نمط جديد من الإسلام السياسي، بل هو نمط ينتقل من الإسلام الجهادي إلى الإسلام السياسي. الإسلام السياسي الجديد مثلت حالة الفشل السياسي واللفظ الاجتماعي للإسلام السياسي تهديداً كبيراً له، بل زعم البعض بنهايته أو اقترابها، بيد أنّ براعة الإسلام السياسي تمكنه عادة من التلون المرحلي، وفهم قوانين المرحلة ومتطلباتها، وهذا ما يظهر من انخلاع أبو محمود الجولاني (أحمد الشرع) من الزي الجهادي بسرعة غير متوقعة أو مفهومة، يبررها طموحه السياسي، والبراغماتية السياسية التي تجبره على الانخراط في العلمانية، والتعامل بحيادية مع كافة الأطراف. وحسب ما يعلن الشرع وحكومة تصريف الأعمال الانتقالية واستقرّ عليه الرأي السياسي السوري، فإنّ الشرع قد اكتسب هو وحكومته خبرة سابقة في حكم إدلب. وكان أول المبادئ التي وضعها الشرع وحكومته في إدلب “أنّ الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع”، وأعلنت هدفها من وراء ذلك الحفاظ على الهوية السورية الإسلامية، وهذا ما أثار التساؤلات حول إدارتها لسوريا كلها. وكانت إدارة الشرع وحكومته لإدلب، حسب التقارير التي قدمتها الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لم تخلُ من الاعتقالات السياسية واعتقالات المواطنين الذين أبدوا استياءهم من غلاء المعيشة والضغط عليهم، وأعلنت حكومة الجولاني أنّها قذف وتجديف، ومن ثمّ وجب العقاب بالاعتقال. ومثل الرأي العام الدولي والسياسات والمصالح الدولية ضغطاً على الشرع وحكومته، ممّا دفعه والحكومة إلى تغيير سياستهم، وحاول الشرع بعد ذلك التخفيف من الحدة التي تعمل بها حكومته، وحلّ وحدة الأخلاق التي تعمل على تطبيق الشريعة استجابة لمتطلبات المجتمع، وغضّ الطرف عن الاختلاط. وأصدرت حكومة الإنقاذ التي وضعها الجولاني/ الشرع على إدلب مرسوماً للأخلاق يأمر الأطفال بالحجاب والحدّ من الموسيقى في المنشآت التعليمية، ولكن تدخل الجولاني وجمّد هذا المرسوم خشية المجتمع الدولي. فالجولاني/ أحمد الشرع كثيراً ما راعى المجتمع الدولي وعمل ببراغماتية تُحسب لرجل السياسة، وهذا ما يظهر في إدارته الحالية للمشهد السوري، فعندما ظهر رئيس الوزراء المعين من قبل الفصائل السورية محمد البشير مع مسؤولين من نظام بشار الأسد جاء خلفهم راية الثورة السورية وراية حملت عبارة التوحيد، وهي راية الجماعات الجهادية، أو الرمز الأشهر لها. وفي اللقاء التالي مع قناة الجزيرة ظهر رئيس الوزراء محمد البشير وخلفه علم الثورة فقط بعد إثارة موجة من التساؤلات والقلق حول مستقبل سوريا. في ظل براغماتية الشرع وإدراكه لمتطلبات المرحلة التي مكنته من بناء شعبية كبيرة، والعمل على احتواء ومعالجة ما يستجد من أزمات، وتاريخ الإسلام السياسي المعهود الذي يجعله خارج السلطة، يختلف بشكل جذري عمّا هو في السلطة وإدارة الدولة، يصبح الوضع السوري شديد التعقيد وغير واضح المعالم. فهل يأذن بميلاد نمط جديد من الإسلام السياسي الذي يعمل بمبدأ الإقصاء عادة، يمكن من خلاله تعاطي كافة الأطراف مع بعضها البعض والوقوف على مسافة واحدة من كافة التيارات، كما يعلن أحمد الشرع، أم أنّه تلون مرحلي يزول عند الحضور في منصة السلطة؟ المصدر : حفريات
باحث مصري
مشاهدة براغماتية أحمد الشرع… هل نحن أمام إسلام سياسي جديد أم تلون مرحلي؟
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ براغماتية أحمد الشرع… هل نحن أمام إسلام سياسي جديد أم تلون مرحلي؟ قد تم نشرة ومتواجد على كريترنت وقد قام فريق التحرير في مصادر 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.