الحرف اليدوية.. فوائد مذهلة للصحة العقلية والنفسية

أعلنت المملكة العربية السعودية عام 2025 ليكون "عام الحرف اليدوية"، تأكيداً على اهتمام الحكومة بالحفاظ على الإرث الثقافي وتعزيز هذا البعد كجزء من رؤية 2030. وكانت هيئة التراث السعودية قد أشارت في وقت سابق إلى أن الهيئة السعودية للسياحة والهيئة الملكية لمحافظة العلا تعملان على الترويج لهذه الحرف كمكون رئيسي للهوية الثقافية.

صحيح أن الاهتمام بالحرف اليدوية له بُعد ثقافي وسياحي، غير أن  لها دور آخر لا يقل أهمية  وهو يندرج ضمن إطار تحسين الصحة العقلية والنفسية، فوفقاً للعديد من الدراسات تلعب الحرف اليدوية مثل الحياكة، التطريز، وصناعة الفخار دوراً بارزاً في تحسين القدرات الدماغية والنفسية للشخص.

أشارت العديد من الدراسات العلمية إلى أن الحرف اليدوية تساعد على تعزيز الصحة العقلية والنفسية ويمكن أن تظهر هذه الآثار في التالي:

أثبت العلم أن الحرف اليدوية تساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق من خلال تعزيز تركيز العقل على المهام اليدوية، وأشارت دراسة نشرتها مجلة Journal of Public Health إلى أن الشخص حين يمارس إحدى الحرف اليدوية يتحول تركيزه بعيداً عن القلق أو التوتر، مما يمنحه شعوراً بالهدوء والراحة.

أشارت دراسة أخرى نشرت في مجلة Occupational Therapy International إلى أن الحرف اليدوية تعزز إفراز هرمونات السعادة مثل السيروتونين، ما يقلل من احتمالية الإصابة بالاكتئاب.

ممارسة الحرف اليدوية ثبت أنه يساعد على تحفيز الإبداع مما يعمل على تحسين المزاج وتعزيز الثقة بالنفس عندما يرى الشخص نتائج ملموسة لعمله.

الاهتمام بالحرف اليدوية يعمق لدى الشخص الشعور بالانتماء للمجتمع وللتراث. أظهرت دراسة من جامعة هارفارد أن المشاركة في ورش الحرف اليدوية أو التجمعات المجتمعية للصناعة تعزز الشعور بالانتماء وتقوي الروابط الاجتماعية، وهي عناصر حيوية للصحة النفسية.

ممارسة الحرف اليدوية تتطلب من الشخص التركيز لدقة التفاصيل، كما أن هذه المهارة تعزز لدى الشخص صفات مثل التخطيط، وحل المشكلات، وكل هذا يساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض الشيخوخة مثل الخرف.

عندما يمارس الشخص حرفة يدوية بانتظام فهذا يساعد على التعبير عن المشاعر من خلال تفريغ الطاقات في عمل إبداعي، يمكنكِ استخدام الألوان أو المواد المختلفة لتتمكني من التعبير عن عواطفكِ، فهذه من بين الطرق الأكثر فاعلية لتفريغ الطاقات السلبية بطريقة إيجابية.
اقرئي أيضاً الخوف من التقدم في السن أو رهاب الشيخوخة وفق علم النفس

وفقاً لـMayo Clinic، فإن الانخراط في الحرف اليدوية يساعد في تقليل مشاعر الوحدة ما ينعكس على الصحة العامة للشخص، لا سيما وأن الحرف اليدوية عادةً ما تدفع الشخص للاندماج في وسط مجموعات لديها مواهب متعددة.

هناك أهمية خاصة للحرف اليدوية لصحة كبار السن، حيث تُشير الأبحاث العلمية إلى أن ممارسة الحرف اليدوية يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تقليل خطر الإصابة بأمراض الشيخوخة مثل الخرف والزهايمر. بشكل عام الأنشطة التي تتطلب التفاعل الحركة اليدوية و العقل معاً، مثل الحياكة والتطريز وصناعة الفخار، تعزز من صحة الدماغ وتحفز المناطق المرتبطة بالذاكرة والتركيز. وفقاً لما توصلت إليه دراسة نُشرت في Neurology.
وأوضحت الدراسة أن الأشخاص الذين يمارسون الحرف اليدوية بانتظام لديهم احتمالية أقل بنسبة تصل إلى 30% للإصابة بالخرف مقارنة بمن لا يمارسونها. وعزت الدراسة العلاقة بين الحرف اليدوية والحماية من الخرف إلى أن الأنشطة اليدوية تساعد في تكوين روابط جديدة بين الخلايا العصبية، مما يبطئ من التدهور المعرفي المرتبط بالشيخوخة. أيضاً، الحرف اليدوية تشجع على الاسترخاء وتقليل التوتر، وهو عامل رئيسي في الحفاظ على صحة الدماغ وتقليل خطر الإصابة بالزهايمر.
لذلك يُنصح لكبار السن ممارسة هواية قديمة تعتمد على التناغم بين العقل والحركة اليدوية، وذلك للحفاظ على وظائف الدماغ مع التقدم في العمر.

قد يكون الشخص لديه هواية لكن أهملها مع ضغوط الحياة، لذلك علينا جميعاً إدراج أي حرفة يدوية للروتين اليومي للاستفادة من تأثير هذه العادة على الصحة العقلية والنفسية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال خطوات بسيطة مثل:

اختيار حرف يدوية سهلة مثل الرسم على الزجاج أو الحياكة يُتيح فرصة للشخص للاستمتاع دون الحاجة إلى مهارات مسبقة.

منصات التواصل الاجتماعي سهلت الانضمام إلى ورش العمل أو المشاركة مع مجموعات مهتمة بالحرف اليدوية، فهذه الطرق تساعد على التفاعل الاجتماعي وتبادل الأفكار.

تخصيص وقت يومي لممارسة الحرف اليدوية، حتى لو كان لبضع دقائق، يساعد على تحقيق التوازن العقلي والنفسي.
سواء كنتِ تبحثين عن وسيلة للتخلص من التوتر أو ترغب في تعزيز إحساسك بالإنجاز، فإن الحرف اليدوية تقدم لك الفرصة لتجربة مزيج رائع من الإبداع والعلاج النفسي.

كما سبق وذكرنا، فإن المملكة خصصت العام 2025 لدعم الحرف اليدوية، وفي هذا الصدد أطلقت السعودية عدداً من المبادرات من خلال المعهد الملكي للفنون التقليديّة (وِرث) لتشجيع المواطنين على التعليم والتدريب عبر برامج تعليمية متخصصة وأكاديمية لتعزيز الحرف التقليدية مثل النسيج اليدوي، السدو، وصناعة السجاد.