دم يمني وتهديد دولي.. «خراب حوثي» عابر للحدود

منذ الاعتداءات الحوثية على مواقع في دولة الإمارات في 17 يناير/ كانون الثاني 2022، ظهرت المليشيات المدعومة إيرانيا على حقيقتها كتهديد عالمي ودولي.

فالاعتداءات التي قتلت 3 أشخاص وأصابت 6 آخرين ولاقت عاصفة إدانات دولية آنذاك، وجهت طلقات نار قاتلة للقانون الدولي في أعقاب تمادي الجماعة في قتل الشعب اليمني والتعدي على دول الجوار في المملكة العربية السعودية وصولا إلى الإمارات العربية المتحدة.

واستبق الحوثيون اعتداءاتهم بقرصنة سفينة روابي الإماراتية قبالة الحديدة تلاه حملة إعلامية وبث خطاب الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي ضد دول الجوار ودولة الإمارات، إثر تلقي المليشيات هزيمة ميدانية مدوية في شبوة على يد قوات العمالقة ضمن عملية "إعصار الجنوب" في يناير/ كانون الثاني 2022.

وتحل الذكرى الـ3 لهذه الاعتداءات ولازلت المليشيات الحوثية تؤجج الأزمة اليمنية، وتحول صنعاء إلى منصة للإضرار بالأمن والسلم الإقليمي.

لم تكن الاعتداءات الحوثية دولة الإمارات، هي أول انتهاك للجماعة المدعومة إيرانيا، وإنما كانت جزءًا من سلسلة انتهاكات طالت أولا الشعب اليمني، وثانيا دول الجوار، وأثرت أخيرا على أمن واستقرار المنطقة بأسرها.

وبدأت مليشيات الحوثي بتقويض أمن اليمن عقب انقلابها واجتياح صنعاء في أواخر سبتمبر/أيلول 2014، وأشعلت الجماعة حربا مدمرة، أسفرت عن سقوط أكثر من 377 ألف شخص منهم 19200 مدني قتلوا بالهجمات المباشرة للحوثيين خلال عقد.

كما سقط أكثر من 11 ألف طفلا ضحايا لحروب المليشيات، وفقا لتقارير أممية ودولية وثقت هذه الانتهاكات.

وأدت حرب مليشيات الحوثي إلى أزمة إنسانية واقتصادية حادة في اليمن؛ إذ بات هناك 18.6 مليون شخص من أصل 32 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.

كما قذفت الحرب الحوثية بنحو 4.5 مليون شخص للنزوح الداخلي، فيما شردت آلاف الموظفين بعيدا عن وظائفهم، وحرمتهم من المرتبات طيلة 10 أعوام، مما جعل اليمن يعرف أسوأ أزمة إنسانية، بحسب وصف الأمم المتحدة.

ومن اليمن، توسعت التهديدات الحوثية إلى دول الجوار والمنطقة؛ إذ سقط خلال عامي 2015 و2021، نحو 59 مدنيا سعوديا في هجمات المليشيات على المملكة منذ بدء الحرب اليمنية، وفقا لتقارير رسمية.

وخلافا عن ذلك، استغلت المليشيات سلاما أمميا هشًا أبرمته الأمم المتحدة في أبريل/نيسان 2022 في شن هجمات على دول الجوار من طرف واحد والتي كان آخرها هجوم سبتمبر/أيلول 2023، والذي استهدف قوة بحرينية في جنوب السعودية مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

ووصف مجلس الأمن الدولي -آنذاك- الهجوم الحوثي بأنه «تهديد خطير لعملية السلام والاستقرار الإقليمي، خصوصاً في اليمن».

ويشير مشروع بيانات موقع وأحداث الصراع المسلح ACLED، إلى أن مليشيات الحوثي نفذت بين عامي 2015 و2 أبريل/نيسان 2022، ما يقرب من 1000 هجوم صاروخي وأكثر من 350 هجومًا مختلفًا بطائرات بدون طيار غالبيتها نحو دول الجوار.

مؤخرا، امتدت تهديدات مليشيات الحوثي للمصالح العالمية في أعقاب مهاجمة الجماعة سفن الشحن في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن وباب المندب.

ووفقا لآخر الإحصائيات، فإنه ما لا يقل عن 50 دولة تأثرت بالهجمات التي شنها الحوثيون على الشحن الدولي والتي تجاوزت الـ100 هجوم على السفن التجارية، مما عرض سفينتين للغرق وقرصنة ثالثة.

كما أجبرت الهجمات معظم شركات شحن الحاويات الرائدة في العالم عن تجنب البحر الأحمر، وهو ممر مائي حيوي يؤدي إلى قناة السويس، التي تتعامل مع ما يقرب من 15% من حركة الشحن العالمية وما يصل إلى ثلث تجارة الحاويات العالمية، وفقا لذات المصادر.

وتشير تقارير دولية إلى انخفاض حجم سفن الحاويات التي تمر عبر باب المندب بنحو 55%، فيما لجأت المليشيات لمقايضة بعض شركات النقل البحري الكبرى، من خلال أخذ أموال مقابل "العبور الآمن"، طبقا للمسؤولين اليمنيين.

ويقول مراقبون إن تكثيف مليشيات الحوثي الانتهاكات والتعدي على دول الجوار والمنطقة والملاحة الدولية يضع المجتمع الدولي أمام موقف صارم ضد هذه الجماعة التي امتدت اعتداءاتها مؤخرا لكل دول العالم.

ويقول مدير مكتب «مركز سوث24» للأخبار والدراسات يعقوب السفياني، إن مليشيات الحوثي هي أحد وكلاء إيران في المنطقة، والتي قوّضت على مدى السنوات الماضية جهود السلام، في ظل استمرارها بارتكاب الجرائم بحق اليمنيين.

وأشار إلى أن الحوثيين استهدفوا دول الجوار، والمصالح الاقتصادية العالمية والمنشآت المدنية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ما يعد تهديدا للأمن والسلم الدوليين في المنطقة.

وأوضح السفياني أن المليشيات الحوثية تشكل تهديدا للمنطقة والاقتصاد العالمي من خلال استهدافها، المصالح الدولية وحركة الملاحة والسفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

وبحسب مدير مكتب «مركز سوث24» للأخبار والدراسات، فإنه من خلال تلك الممارسات الإرهابية، كشف الحوثيون عن خطرهم المستدام، والواسع، على الدول الإقليمية والنظام الدولي.