عبقري بيتكوين.. حول شركته لـ«معجزة» الكريبتو

ظاهرة الاستثمار في عملة بيتكوين اكتسبت زخماً كبيراً في الأوساط الاقتصادية، خاصة مع ازدهار أسواق العملات الرقمية.

ومن أبرز الأمثلة على هذا التوجه الاستثماري ما تقوم به شركة MicroStrategy بقيادة المستثمر مايكل سايلور، حيث اتبعت استراتيجية غير مسبوقة تتمثل في بيع الأسهم وإصدار الديون لاستثمار كل العائدات في بيتكوين. سايلور أكد التزامه بمواصلة هذا النهج بشكل متكرر.

شهدت أسهم "MicroStrategy" ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 690% خلال العام الماضي. وبلغت قيمة حصة سايلور، التي تمثل نحو 10% من الشركة، حوالي 9.7 مليار دولار، بالإضافة إلى امتلاكه شخصياً ما يقرب من 1.9 مليار دولار من بيتكوين.

برز سايلور كشخصية مؤثرة مع تصاعد الاهتمام بـ"بيتكوين"، إذ يتابعه حوالي 4 ملايين شخص على منصة "X". ويعكس الحماس تجاه شركته حالة استثنائية، حيث تمتلك "MicroStrategy" ما يقارب 47 مليار دولار من بيتكوين، بينما تبلغ القيمة السوقية لأسهمها نحو 97 مليار دولار، مما يعكس استعداد المستثمرين لدفع دولارين مقابل كل دولار من الأصول.

اللافت أن هذا التوجه جذب كبار المستثمرين، مثل شركة Capital Group، التي امتلكت حوالي 8% من أسهم الشركة حتى نهاية سبتمبر/ أيلول، بالإضافة إلى الصندوق السيادي النرويجي، الأكبر عالميًا بأصول تبلغ 1.5 تريليون دولار، والذي استحوذ على نحو 1% من أسهم الشركة.

ويؤكد المتحمسون للشركة أن الزيادة في سعر السهم تعكس إيمانهم بقدرة مايكل سايلور على تحقيق أرباح من استثماراته في بيتكوين، مشيرين إلى أن العدد الإجمالي للبيتكوين بالشركة لن يتجاوز 21 مليون وحدة، مما يخلق ندرة تعزز قيمتها.

وبفضل إصدار الأسهم عند مستويات مرتفعة والحصول على ديون بشروط ميسرة، يمكن لسايلور زيادة القيمة للمساهمين مع توسيع احتياطي شركة "MicroStrategy" من البيتكوين، وفقاً لريتشارد بايورث، الشريك في "SYZ Capital"، والذي يمتلك أسهماً شخصية في الشركة.

وشهدت أسهم الشركة استقرارًا لسنوات طويلة حتى عام 2020، لكنها لم تُظهر إمكانيات كبيرة للنمو، حيث كانت قيمتها السوقية تُقدر بحوالي 1.5 مليار دولار فقط، على الرغم من تحقيقها أرباحًا وامتلاكها احتياطات نقدية بلغت نحو 500 مليون دولار.

ومع تصاعد قلق مايكل سايلور، المدير التنفيذي، بشأن التضخم المتوقع نتيجة الإنفاق الحكومي لدعم الاقتصاد، بدأ يبحث عن طريقة لاستثمار أموال الشركة بشكل فعّال.

وبعد دراسة معمّقة لعملة بيتكوين، أصبح سايلور مقتنعًا بجدواها، وطرح فكرة استثمار الاحتياطات النقدية للشركة في بيتكوين على مجلس الإدارة.

ووافق المجلس على الخطة باعتبارها فرصة لجذب الاهتمام، خاصة في ظل عدم وجود بدائل مجدية.

وصرّح عضو مجلس الإدارة ريك ريكيرتسن، قائلا: "لم تكن الشركة تسير نحو أي وجهة، ولم تكن تحظى بأي اهتمام يُذكر من وول ستريت. كان الوضع العام متجهمًا".

في ذلك العام، استثمرت الشركة نصف احتياطياتها النقدية، ما يقارب 250 مليون دولار، لشراء بيتكوين بسعر حوالي 11,000 دولار للوحدة. كما ضخ سايلور أكثر من 100 مليون دولار من أمواله الخاصة في العملة الرقمية. ولكن عندما انخفض سعر بيتكوين إلى 9,000 دولار، تكبدت الشركة خسائر تقدر بـ 40 مليون دولار.

وعلق ريكيرتسن: "كانت هناك مخاوف كبيرة بيننا في مجلس الإدارة، وشعرنا أننا ربما ارتكبنا خطأ جسيمًا. حتى سايلور نفسه كان قلقًا، لكن هذه المخاوف سرعان ما تبددت عندما بدأ سعر بيتكوين بالارتفاع، منهياً عام 2020 عند أكثر من 26,000 دولار".

لاحقًا، استثمرت "MicroStrategy" مزيدًا من الأموال في بيتكوين، حيث اقترضت مليارات الدولارات، بما في ذلك قرض بقيمة 205 ملايين دولار بفائدة متغيرة نسبتها 8.27%. ومع ذلك، واجهت الشركة تحديات كبيرة بعد انهيار منصة "FTX" للعملات الرقمية في أواخر 2022، ما أدى إلى انخفاض سعر بيتكوين إلى أقل من 17,000 دولار وتراجع سهم الشركة إلى نحو 17 دولارًا.

ورغم الشائعات عن أزمات تواجه الشركة، استغل سايلور والشركة الظروف الصعبة للتفاوض مع بنك "Silvergate"، الذي كان يعاني أيضًا، لدفع 161 مليون دولار لسداد القرض بالكامل.

وبدأت أسهم الشركة بالانتعاش مرة أخرى مع استمرار سايلور في تعزيز استراتيجيته المتمثلة في بيع الأسهم والسندات لشراء المزيد من بيتكوين. وبحلول عام 2024، تمكنت "MicroStrategy" من جمع مبلغ غير مسبوق بلغ 23.2 مليار دولار، وفقًا لتحليل مارك بالمر من شركة "Benchmark".

وعبر سايلور عن تفاؤله الكبير بشأن بيتكوين، مشيرًا إلى أن محدودية المعروض منها مقارنة بالدولار أو حتى الذهب يجعلها أداة أكثر كفاءة لمواجهة التضخم.

ويرى أن الطبيعة الرقمية لعملة بيتكوين تُسهِّل على حامليها تخزينها واستخدامها بتكاليف أقل، مما يلغي الحاجة إلى الوسطاء..

وأشار إلى أن بعض الصناديق الاستثمارية والكيانات المالية تمتلك لوائح تمنعها من شراء بيتكوين بشكل مباشر أو حتى صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة، مما يجعل أسهم شركة "MicroStrategy" وسيلة غير مباشرة للاستثمار في العملة الرقمية.

ويرى بعض المستثمرين المحافظين أن أسهم "MicroStrategy" قد تكون أداة استراتيجية لمنحهم ميزة تنافسية على منافسيهم الذين يترددون في الاستثمار في شركات مرتبطة بالعملات المشفرة.

وقد أظهر سايلور براعة في إنشاء مجموعة متنوعة من أدوات الاستثمار مثل القروض المصرفية، السندات القابلة للتحويل، الأسهم العادية، وغيرها، لضمان استمرارية تدفق الأموال.

ووفقًا لبريت ميسنغ، المدير التنفيذي لشركة "SkyBridge Capital"، فإن عبقرية سايلور تكمن في تطوير منتجات مالية تلبي احتياجات جمهور متنوع.

وخلال الأسابيع الأخيرة، كثَّف سايلور جهوده للترويج لشركة "MicroStrategy" وبيتكوين عبر وسائل الإعلام المختلفة مثل البرامج التلفزيونية، البودكاستات، والمؤتمرات الصناعية. وأشار مات هوغان، رئيس قسم الاستثمار في شركة "Bitwise" لإدارة الأصول الرقمية، إلى أن حماسة سايلور العامة بشأن بيتكوين تتسم بالدقة والهدوء في النقاشات الخاصة، مستذكرًا حضوره لحديث سايلور خلال عشاء استثماري حضره 12 مستثمرًا الصيف الماضي.