في يوم المرأة العالمي رائدة الأعمال رؤى المدني: اصنعن المزيد من قصص النجاح..

"نحن الحكواتية"، عبارة تحمل في طياتها دوراً كبيراً وتأثيراً عميقاً، اختصرت بها رائدة الأعمال والمنتجة السعودية رؤى المدني الرسالة التي تؤديها المرأة في مجتمعها، معتبرة أنها أساس القصة، وأن بعض الحكايات تكون أجمل عندما ترويها المرأة بنفسها.
وبمناسبة يوم المرأة العالمي، قالت رؤى المدني إن الأحلام باتت اليوم واقعاً بالنسبة للمرأة السعودية، لكن هذا لا يعني أن دورها حديث الولادة، وإنما هي الملهمة منذ مئات السنوات.
وكشفت المدني عن تأثرها بشخصيتين نسائيتين ملهمتين ساهمتا في تكوين شخصيتها الطموحة، وحبها للعطاء، والنجاح، والتميز. من هما هاتان الشخصيتان؟ وأي أثر كان لهما في شخصية رؤى المدني؟ وكيف ترى المنتجة السعودية وجود المرأة في قطاعها بالتحديد؟ وأي آفاق تتخيلها لهذا القطاع؟ أسئلة نحمل لكم إجاباتها في حوارنا الشائق هذا.

بدأت رؤى المدني حوارها معنا بالحديث عن الأحلام التي تحققت فقالت: "أحلامنا كانت كثيرة لكن اليوم في عصرنا الحالي، أصبحت الأحلام واقعاً، الحمد لله، فبات للمرأة دور، سواء كان في الحكومة أو في الرياضة أو في الفن، أو دورها الأساسي بوصفها مربية، اليوم المرأة موجودة في كل المجالات، وما كنا نحلم بتحقيقه بتنا نحققه فعلاً".
وشددت رائدة الأعمال السعودية على أن "العالم الخارجي يرى أن المرأة السعودية حديثة الولادة كما يُقال، كأننا بدأنا فقط في السنوات الخمس أو الست الماضية، لكن المرأة السعودية كان لها دور من مئات السنين، هنا في الجزيرة العربية وفي الدولة السعودية، دور المرأة كان دائماً قوياً ومتغلغلاً سواء كان في التربية أو في التعليم أو في مراحل الحرب أو في التجارة؛ فالمرأة السعودية هي امرأة قوية معطاءة متغلغلة في هذه الأرض وثابتة ومثابرة، وأعتقد أن الكثير من الناس يعتقدون أن المرأة السعودية امرأة مدللة، هي مدللة بحكم حياتنا وعيشتنا، لكن المرأة السعودية عانت كثيراً إلى أن وصلت إلى ما وصلت له اليوم".

ورداً عن سؤالنا الأساسي حول الشخصية التي تأثرت بها في حياتها اختارت المدني شخصيتين، الأولى من حياتها الخاصة وهي جدتها لأمها، وقالت: "أنا تأثرت كثيراً بجدتي والدة أمي؛ فهي التي ربتني"، وأضافت: "جدتي هي من بلد أجنبي، أتت إلى المملكة في عمر الثامنة عشرة للحج، بعد أن اعتنقت الإسلام، وعندما أتت التقت جدي وتزوجا، وعلى الرغم من أنها من ثقافة بعيدة تماماً عن ثقافتنا؛ فهي تغلغلت في ثقافتنا وأصبحت تحرص على أن يكون لها دور مؤثر، كان بيتها مفتوحاً للجميع، وكانت هادئة تماماً، لم تكن ترفع صوتها أبداً، شخصيتها أثرت في كثيراً".
وتابعت حديثها عن جدتها ذاكرة أمراً مهماً جداً، حيث إن جدتها بقيت تثابر لتتعلم اللغة العربية حتى وهي في الستينيات من عمرها، حتى تقرأ القرآن وتحفظه، وقالت: "كانت ترتاد مدارس محو الأمية حتى تتعلم اللغة العربية على أصولها؛ إذ إن لغتها العربية كانت ضعيفة وتقتصر على المحادثة فقط، ولكنها أرادت تعلم الكتابة والقراءة، بالأخص أن القرآن لغته ثقيلة، وكانت حريصة على ذلك، هذا إضافة إلى حبها للناس ومساعدتها لكل شخص يحتاج مساعدة وعطائها المطلق من دون مقابل، ويمكن القول إنها كانت أماً للجميع، وهذا كله أثر في وجعلني أرغب بأن أكون مثلها".

أما بالنسبة للشخصية العامة فوقع خيارها على الملكة عفت مؤسسة أول مدرسة للفتيات في السعودية، مدرسة "دار الحنان"، وقالت المدني: "هناك شخصيات كثيرة تركت أثراً كبيراً، لكن هناك شخصية أعتقد أنها مهمة بالنسبة لي وبالنسبة للكثير من نساء السعودية، شخصية أثرت في الأجيال السابقة وسيمتد أثرها إلى الأجيال القادمة بالتأكيد، وهي الملكة عفت، زوجة الملك فيصل -رحمة الله عليهما".
وتابعت حديثها بالقول: "الملكة عفت هي التي أدخلت تعليم المرأة إلى المملكة في ذلك الوقت، وهي أول امرأة أساساً أدخلت الأنشطة العامة للمرأة كالرياضة والإعلام والكتابة والقصص، قامت بأشياء كثيرة كانت سابقة لعصرها في ذلك الوقت، المدرسة التي أسستها خرجت أجيالاً بعمر والدتي وأكبر وبعمري، وما زالت لليوم وطبعاً بعدها جامعة باسمها، وذلك إلى جانب عطائها في الجانب الصحي، مثل مستشفى التخصصي ومراكز الأبحاث الطبية؛ فأنا أعتقد أنها سيدة كانت سابقة لزمنها في العقل والحكمة أو التعليم".

توجهت رؤى المدني برسالة للمرأة في يومها العالمي، قائلة: "أحب أن أشكر كل امرأة ثابرت حتى تصل للمكان الذي وصلت إليه، حتى لو كان المكان هذا هو بيتها وأولادها؛ لأنه البيت والأولاد هذه مهمة لوحدها أساساً، وأقولها لكل امرأة أنه ليس هناك شيء مستحيل أبداً، وليس هناك زمن ولا وقت يحكمنا؛ فأحياناً المرأة تظن أن الوقت سبقها ولم يعُد بإمكانها تحقيق ما تريد، وهذا غير صحيح، وبالنسبة للمرأة السعودية تحديداً، وفي الوقت الذي نحن فيه اليوم، هي قادرة على فعل كل شيء ولا شيء مستحيل أبداً بالنسبة لها".
وتحدثت المدني عن مجال عملها، فهي منتجة أفلام وثائقية وخيالية ومؤسسة شركة مختصة بالإنتاج والتوزيع، وأشارت إلى أن: "هذا المجال يُعتبر مجالاً جديداً دخل على المملكة في السنوات القليلة الماضية، وما زلنا نعمل على البنية التحتية وتأسيس هذا المجال سواء من ناحية القوانين أو التصاريح أو الإجراءات التي يُفترض أن تكون موجودة أو من ناحية الفرص المستحدثة، وهناك دعم كبير جداً من الدولة لهذا القطاع لأنه قطاع مهم جداً، والدعم يأتي على شكل التمويل أو الصناديق أو الدعم الشخصي للشباب والتدريب والتأهيل، سواء كان من قبل هيئة الأفلام تحت مظلة وزارة الثقافة أو من الصندوق الثقافي، أو غيرها من الجهات التي تدعم هذا المجال، وطبعاً لا يزال هناك الكثير لنقوم به في هذا المجال، ولكن بالتأكيد أننا اليوم محط أنظار العالم، هذا السوق يُعتبر سوقاً كبيراً جداً من ناحية السينمات وتوزيع الأفلام، وبحكم الأماكن والمواقع الموجودة عندنا، بالإضافة للأستوديوهات كأستوديوهات العلا أو نيوم أو الأستوديوهات هنا في الرياض مثل أستوديوهات هيئة الترفيه، ومجموعة الـmbc وغيرها".
وأضافت: "هناك مجال كبير عندنا هنا اليوم لشبابنا والناس من حول العالم، لكي يبدعوا ويرووا قصصهم وقصص جديدة، نحن اليوم سوق مهم ورائد في هذا المجال، هناك بعض العقبات وهذا طبيعي، وما زلنا نستكشف المجال ونتعلم فيه".

وعن دور المرأة في هذا القطاع قالت: "المرأة في هذا المجال كان دورها محدوداً إلى حدٍّ ما، إما أن تكون أمام الكاميرا أو في أدوار محدودة سواء كان في الكتابة أو غيرها، لكن اليوم أنا منتجة وهناك سيدات مديرات إنتاج ومصورات ومخرجات أبدعن في صناعة أفلام وصلت إلى مهرجانات عالمية، منها ما فاز ومنها ما تم ترشيحه؛ فالمرأة السعودية اليوم لها دور كبير، ولا تنسي أن المرأة هي أساس القصة، وهناك قصص كثيرة تكون أجمل عندما ترويها المرأة بنفسها سواء كانت مخرجة أو منتجة أو كاتبة أو خلف الكاميرا أو أمامها في أي دور من الأدوار".
وفي نهاية حديثها توجهت المدني بنصيحة للسيدات السعوديات الموجودات في المجال قائلة: "احرصن على أن تبدعن أكثر، وأن تخلقن قصصاً أكثر؛ لأننا نحن الحكواتية".
اقرؤوا أيضاً: لمناسبة يوم المرأة العالمي.. سيدة الأعمال الإماراتية سارة المدني: أحلامنا هي بوصلتنا