|
اخبار محلية
الإمامة والحوثيّة… جذور التحريم الديني في اليمن
محمد الكرامي تأسّست مملكة الإمام يحيى حميد الدين في عشرينات القرن الماضي، أعقاب انسحاب العثمانيين من شمال اليمن. وبعد وقت قصير من استقراره في العاصمة صنعاء، سيطرت ذهنية التحريم على الحياة العامة، إذ رسّخ الإمام في خطابه صورة إله كثير الانفعال والغضب والحنق من أفعال البشر، ويمكن أن نرصد شكلين من المحرمات في المخيال الديني، كانا يستوجبان التكفير والتقرب إلى الله فوراً، هما الموسيقى والخمر. أثناء حكم الإمامة، حدثت مجاعة في شمال اليمن، فذهب الفقهاء إلى الإمام وأخبروه أن هذه المجاعة سببها انتشار الخمر والمعازف، من ثم أمر الأمام بحبس تجار الخمور وكسر آلات العزف أمام العامة، وعلّق آلة العود في مكان عام من صنعاء تحذيراً من العزف عليها، ورادعاً لكل من تسوّل له نفسه استخدامها لإغراء الجماهير المؤمنة، بحسب تعبير المؤرخ طه فارع. جسّد تحطيم آلات الموسيقى وقوارير الخمر إعادة نظر، ليس من الناحية الدينية فحسب، بل ومن الناحية الوجودية أيضاً؛ فقد نُسبت المجاعات إلى غضب الله على كفر البشر، الذين وفقاً لهذا المنطق، أصبحوا أول المسؤولين عنه، ولهذا فإن الموسيقيين ومستهلكي المشروبات الروحية، كانوا الضحية المعلنة التي ينبغي تقديمها للتكفير عن الخطيئة. بلغ التعصب الديني ضد الموسيقى من الشدة بحيث لم يكن أي عازف من العازفين يجرؤ على ممارسة فنه بشكل علني، باستثناء العازفين المتجولين المعروفين بالمداحين، الذين جمعت أشعارهم بين الغزل الرمزي بالذات الإلهية والمديح النبوي، بحسب الباحث محمد عبده غانم في كتابه “شعر الغناء الصنعاني”. ومع ذلك، لم تسلم من قمع الإمام حتى الأناشيد والترانيم التي تُردَّد في حلقات الذكر الصوفية مصحوبة بالعزف والرقص، إذ يشير مؤرخ اليمن وشاعرها عبدالله البردوني، إلى أن الإمام أحمد أمر بهدم جزء يسير من ضريح الولي الشهير أحمد بن علوان. طوال سنوات الأئمة على خلاف مراحلهم، أحكمت الإمامة قبضتها على المجتمع، ومنعت جميع الفنون، إذ كانت الرقابة الدينية تداهم جلسات الغناء في المنازل، وتحطم الأدوات الموسيقية، وتقود الجميع إلى السجن بتهمة الأعمال المنافية للأخلاق والدين، وكان عددٌ من المواطنين يفقدون لذلك اعتبارهم أمام بقية المواطنين بحسب طه فارع في كتاب “الأغنية اليمنية المعاصرة”. الموسيقى والأغاني في العهد الإمامي لم تكن مُحرَّمة فحسب، بل كانت موضع احتقار وازدراء شديدين من السلطة ذاتها، وبالتالي من الشعب المغلوب على أمره، وفقاً للقاسمي في كتاب “الأواصر الغنائية بين اليمن والخليج”، وهو الأمر الذي اضطرّ عشاق الفن إلى تطوير أساليب لإخفاء الأسطوانات والغراما فونات المعروفة بصناديق الطرب والآلات الموسيقية، ومن ثم إغلاق النوافذ وسدها بالوسائد عند بدء جلسات الغناء. أما بالنسبة إلى النساء اليمنيات، فقد كن غير مرئيات في المجتمع، إذ واجهن قمعاً مضاعفاً بين التحريم الديني والاجتماعي، وبالتالي كانت الفنانات يؤدين الأغاني الشفوية في مساحات محدودة على الهامش، ومن هنا هربت ثلاث فنانات في أربعينات القرن الماضي من صنعاء إلى عدن وسط أكياس البضائع، وسجّلن مجموعة من الأغاني على الأسطوانات، وفي إذاعة عدن وبأسماء مستعارة، هي: (المتحجبة، بنت البلد، فاطمة الصنعانية). وتُعتبَر هذه الأغاني أولَ تسجيلات لأصوات نسائية في اليمن، كما يفيد الباحث رفيق العكوري. يندر أن نجد كتابات متشدّدة ضد النساء آنذاك، أي في العهد المتوكلي، على غرار كتيّب “الحسبة الزيدية” الذي يحدّد عقوبات عدة لتأديب الموسيقيين، يقضي أهمها بالسجن أو العقاب الجسدي، كما يتتبّع الباحث الفرنسي في الموسيقى جان لامبير. ولكن غياب هذه الكتابات ليس بسبب الانفتاح على المرأة من دون الرجل، أو أن الانحراف الديني بنظر السلطة كان حصراً على الرجال، بل على العكس تماماً، فهو يعني أن المرأة لم تكن فاعلة وإن بشكل رمزي في شمال اليمن، حيث حُرمت من النشاط الفني، وأُقصيت من الحياة العامة، وبالتالي واجهت مصيرها المنزلي، إذ ظلت حبيسة الجدران. وعليه لم يتكلف أحد من رجال الدين والفقهاء عناء التنديد بها أو الشعور بالتهديد منها، وهو ما دفع كثيرات منهن إلى الهروب رفضاً للعزل الاجتماعي والديني والسياسي. المصدر : درح ميديا
مشاهدة الإمامة والحوثيّة… جذور التحريم الديني في اليمن
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ الإمامة والحوثيّة… جذور التحريم الديني في اليمن قد تم نشرة ومتواجد على كريترنت وقد قام فريق التحرير في مصادر 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.