تزامناً مع انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي فيها: إليكم لمحة تاريخية عن أشهر الفنون اليدوية في منطقة جدة

جدة التاريخية، المعروفة أيضاً باسم "البلد"، تعد من أهم المعالم التاريخية والثقافية في المملكة العربية السعودية التي شهدت في السنوات الأخيرة إعادة إحياء ملحوظة للفنون التراثية والحرف اليدوية والصناعات التقليدية لتراث المدينة العريق، وتشكّل الحرف والأعمال اليدوية أهمية تاريخية وثقافية كبيرة، فهي تعكس موروثًا ثقافيًا ينتقل من جيل لآخر ليعبر عن تراث المنطقة الغني وتاريخها الأصيل، فلقد شهدت المملكة العربية السعودية تاريخاً عريقاً وتراثاً يتربع على الخارطة العالمية، وينطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2024 في الخامس من ديسمبر ويستمر إلى 14 من الشهر الجاري، حيث سيُقام في جدة البلد، ولقد اختار المهرجان شعاراً لنسخته الرابعة هذا العالم “للسينما بيت جديد”، وذلك بوحي من بيوت جدة البلد التاريخية والتراثية، ليعلن بذلك أن المهرجان سيستقر في مكانه الجديد والدائم في جدة البلد، ومن بين البيوت التي ألهمت المهرجان لإنتقاء شعاره هي "بيت ناصيف" و"بيت متبولي" و"بيت الشربتلي" التي تقع وسط المباني التاريخية المصنوعة من الحجر المرجاني والمزيّنة بالواشين الخشبية الملونة في البلد.

الحرف اليدوية هي عبارة عن عمل فني يتم إنتاجه يدويًا بإستخدام مهارات متقنة وتقنيات تقليدية، أو باستخدام أدوات بسيطة دون إستعمال الآلات الحديثة، ويقوم بصناعتها حرفي واحد أو مجموعة حرفيين من المواد المحلية الطبيعية بالطرق التقليدية، وتحويلها إلى منتجات ذات منافع متنوعة، تسهم في تلبية المتطلبات اللازمة للمجتمع والسياح في المملكة العربية السعودية، وترتبط الحرف اليدوية بشكل أساسي بثقافة المجتمع وتاريخه، فهي تمثل فن وثقافة شعب، وتعتبر الحرف اليدوية شكلاً من أشكال الفن، لا تستخدم هذه الصناعات المهارات والتقنيات اليدوية فحسب، بل تقوم أيضًا بإنشاء أعمال فنية متنوعة من خلال التصميم.

اشتهرت مدينة جدة في القديم بعدد من الحرف اليدوية التي لا تحصى ولا تعد في هذه المنطقة التاريخية بجدة، ومن أهم الحرف التي اشتهرت بها مدينة جدة قديمًا:

وهي من أقدم الحرف اليدوية في المملكة، ولم تندثر هذه الصناعة الموصولة بالتراث الأصيل على مر العصور حيث يتوارثها الحرفيون جيلاً بعد جيل، وتبقى آثار المشغولات الفخارية شامخة في منطقة جدة التاريخية وخاصة جدران حارة البخارية والسبيل، ودكاكين سوق اليمنة الشعبي، وزخارف قصر خزام التاريخي بتصاميم مختلفة، وكانت المنتجات الفخارية بأشكالها المتعددة تستخدم في الأواني المنزلية الفخارية، والمجامر الخاصة بالبخور، وأحواض الزهور، وأواني حفظ الخبز، والأزيار، "زير ماء للتبريد"، كما تضم المنتجات الفخارية الشربة التي تحتضن في داخلها جالوني ماء فقط لكي يسهل حملها لملء كأس ماء للشرب وهذه الشربة كانت تستعمل في الماضي بدلاً من الثلاجات والبرادات المتوفرة حالياً، أما في وقتنا الحالي أصبحت المصنوعات الفخارية للزينة فقط، وإن كان البعض يفضل استخدامها للتخزين حتى اليوم، والفخار يتم صناعته عن طريق الطين الممزوج، فقد يختلف الطين المستخدم في صناعة الفخار من مكان إلى آخر، ولقد قامت السعودية في اتباع سياسة تطوير وتجديد مجال صناعة الفخار والحِرف اليدوية القديمة، ولولاها لكان اختفاء صناعة الفخار شيئاً مؤكداً، وتحويل صناعة الفخار والحِرف الأخرى إلى حِرف تراثية، وتم استخدام مواد حديثة وألوان طلاء مميزة للرسم على جميع أنواع الفخار وبيعها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
قد ترغبين كذلك في متابعة الرابط: بتنظيم المعهد الملكي للفنون التقليدية «ليالي هوية حية».. خريطة تاريخية لحرف فنية سعودية

اشتهرت المدينة بصناعة الكراسي الخشبية التي تصنعها من الأعسف والخيزران، ولا تزال تشتهر بهذه الصناعة إلى الآن، بالإضافة إلى صناعات من الخشب مثل الأبواب والشبابيك، والروشان القديم والزينة الخارجية للمنازل، فلقد عرفت المنطقة التاريخية في جدة بأبنية تزين واجهتها الزخارف والنقوش التي إشتهر بها الطراز المعماري الإسلامي، بجانب الإرث الحجازي، لاسيما المداخل الرئيسة لهذه المباني المصممة بطريقة فنية بإستخدام الأخشاب، مكونةً أشكالاً خشبية جميلة تغطي تلك المداخل ومعظم أجزاء المباني من الخارج، وتجسد فن عمارة بات خاصاً بها، ما جعلها محط أنظار الباحثين في مجال العمارة العربية والإسلامية وجلبت معظم هذه الأخشاب إلى المنطقة التاريخية في أوائل القرن الـ 14 هجري، ومنها ما يسمى بالطيق والأبواب، وأعواد أخرى من خشب القندل، وجاء اهتمام أهالي المنطقة بهذه الأنواع من الأخشاب، والأشكال التي صممت بها، لتحقيق الخصوصية داخل المبنى، والعمل على عزله حرارياً عن الخارج، فطبيعة هذا الخشب عازلة، ويساعد في الحد من وصول أشعة الشمس وحرارتها للمبنى.
ويمكنك التعرف كذلك على ما تقدمه مؤسسة عزة فهمي.. الحفاظ على الحرف عبر الشباب

يرجع تاريخ فن النسيج السعودي لآلاف السنين والذي يعتبر جزءاً أساسياً من تراث الحرف اليدوية الثقافي، وتتميز صناعة النسيج السعودي وعلى رأسها نسيج السدو بأنه يستخدم فيه الألوان الزاهية والتصاميم الهندسية والزخارف الجميلة والتي تعكس تاريخ المملكة العريق، وتتطلب صناعة النسيج خاصة السدو مهارات فنية وتقنيات يدوية دقيقة، فمهارات النسج اليدوي والأساليب التقليدية التي كانت تعد جزءاً من هوية المنطقة التاريخية في جدة (البلد)، وحتي اليوم تجد في أزقة هذه المنطقة ورشات لعمل منتجات منسوجة وملونة بأناقة، لتعيد الحياكة اليدوية والنسيج التقليدي إلى الواجهة مرة أخرى ليكونا جزءاً من المشهد الحضاري للمدينة، ولقد ازدهرت هذه الحرفة وتنوعت فنونها، فشملت الخيام والفرش والعباءات ومختلف أنواع الملابس، والشمائل والأقمشة التي زينت بمختلف الألوان والمناظر والنقوش والرسومات، ولقد تم دمج فنون النسيج الجديدة بالتقليدية وتوظيفها بطريقة حديثة لعمل منتجات مبتكرة تشير إلى تلاقي الأزمنة بين الأجيال القديمة والحديثة، واستطاعت التألق والتطور، دون التخلي عن الجذور التاريخية التي يرجع إليها، ومن أجل أن يستمر هذا التراث الثقافي الغني في إثراء حياة الناس في المملكة العربية السعودية وفي جميع أنحاء العالم.
يمكنك كذلك التعرف على: بنان يحتفي بدور الحرفيات السعوديات في العناية بالتراث

واليسر عبارة عن شجر أسود يستخرج من أعماق الكهوف البحرية ويطلق عليه المرجان الأسود وكان هناك غواصون محترفون يغيبون بجوف البحر لدقائق دون عدة غوص حتى يتمكنوا من جلبه ورغم توفر اليسر بكثرة في البحر الأحمر إلا أن صعوبة استخراجه تؤدي إلى ارتفاع أثمانه، وبعد استخراجه ينقع في براميل مملوءة بالمياه الحلوة لعدة أيام حتى يتخلص من الرائحة الحادة، ثم يقطع ويوضع العود بين طرفي مناشير خاصة حتى يتخلص من اللحاء الأسود الشوكي بين أسنان المنشار ثم يشذب بآلات حادة تشبه الساطور حتى يصبح أكثر نعومة، عندها يحمل بواسطة زنابيل خوص ويتجه به إلى آل الزامكة في حارة المظلوم لتتحول أعواد اليسر لديهم إلى حبات متساوية الأشكال بالحجم المرغوب فيه ليصنع منها مسابح اليسر الثمينة وقد يضاف لها المرجان الأحمرأو قطع الفضة كحلية جمالية.
وإذا تابعت السياق التالي يمكنك التعرف على بعض المهن بعد أن كانت مهددة بالزوال أنامل ناعمة تعيد الحياة للمهن التراثية