الصدأ.. عدو جديد يهدد البحرية الأمريكية

في الوقت الذي يشكل فيه المظهر عنصرا رئيسيا لتعزيز الثقة بين الحلفاء وردع الخصوم، يهدد الصدأ المصداقية الاستراتيجية للبحرية الأمريكية.

قد تمثل صور السفينة "يو إس إس جرين باي (LPD 20)" وهي إحدى سفن النقل البرمائية الرائدة في البحرية الأمريكية والصدأ يلطخ هيكلها تهديدا كبيرا للولايات المتحدة، حيث تؤثر بشكل سلبي على الحلفاء والشركاء الذين يعتمدون على القوات الأمريكية للدفاع عنهم، وفي نفس الوقت هو أمر يسعد به خصوم الولايات المتحدة.

وتعد المنافسة الاستراتيجية في وقت السلم حربا افتراضية فهي حرب من أجل التصورات المنتصر فيها هو المتسابق الذي يقنع الآخرين بأنه سيفوز في معركة حقيقية وذلك وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي.

وقد يكون مظهر القوة المقاتلة حاسماً في الحرب فيما يتصل بتصورات الناس لها حيث تشكل الصور الوسيلة الوحيدة لقياس القدرات بعيداً عن تبادل إطلاق النار الفعلي، والمنافس الذي يصور الكفاءة والاحتراف والحيوية يميل إلى التفوق في المواجهات، أما المنافس الذي يصور عدم الكفاءة أو عدم الاكتراث أو كليهما فيميل إلى الخسارة.

ولذا كانت البحرية الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان تستمتع بالسخرية من البحرية السوفياتية بعدما ظهرت صور سفنها الصدئة في الصحافة، حيث أظهرت الصور في ذلك الوقت من هو الفائز المحتمل.

إن الحفاظ على المظهر أمر بالغ الأهمية في حين أن الصدأ هو العدو الأبدي للبشرية وهو أمر لا مفر منه حيث تتكون طبقة من المعدن عندما تبتلع السفينة مياه البحر في أحشائها لتبريد الآلات والأسلحة، وتزويد خط الإطفاء الرئيسي بمياه إطفاء الحرائق، وأداء الوظائف العديدة الأخرى التي يجب على أي سفينة حربية ميكانيكية القيام بها قبل استنفاد السوائل والغازات المهدرة في البحر.

ويمكن أن تبحر السفينة بجوانب وبنية علوية نقية ولكنها تعود إلى الميناء بعد أسابيع وقد شوهت خطوط الصدأ تعلو مظهرها الخارجي.

ورغم أن التآكل آفة لا يمكن التغلب عليها نهائيًا، إلا أنه من الممكن السيطرة عليها بمهارة وعزيمة كافية وبذلك يحافظ طاقم السفينة على مظهر احترافي يثير الإعجاب.

والطاقم الذي لا يكلف نفسه عناء الحفاظ على مظهر سفينته في حالة جيدة، وتنفيذ مهام عادية ولكنها بالغة الأهمية، ربما لن يبذل عناء القيام بأشياء أكثر أهمية مثل السعي إلى التميز في مهارات الملاحة والتكتيكات.

ولم تكن الطواقم السوفياتية تفعل ذلك وهو ما أدى إلى الاستهزاء بها فمن الناحية المادية، كانت البحرية السوفياتية قوة في طور النمو بحلول سبعينيات القرن العشرين، حيث كانت تنشر المزيد والمزيد من السفن الحربية الأحدث.

لكن أحدث الأسلحة ليست أفضل من الإنسان الذي يستخدمها وكان هذا هو سر سقوط السوفيات حيث كان سلوك طواقمهم مهملاً، وهو ما ظهر في أشياء صغيرة مثل كيفية الحفاظ على سفنهم وفقا لـ"ناشيونال إنترست".

إن أي قوة مقاتلة قد تمتلك الترسانة الأكثر رعباً على كوكب الأرض، ولكنها لا تطمئن أو تردع أو تجبر إلا القليل إذا حكم الأصدقاء والأعداء على مشغليها بأنهم غير أكفاء أو غير مبالين.

واليوم، تسئ صورة البحرية الأمريكية إلى سمعة الولايات المتحدة وتقوض الثقة الأجنبية في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الأمنية وتشجع الخصوم على تحدي جهود واشنطن في الردع أو الإكراه.

وفي المنافسة الناشئة ضد دول مثل الصين وروسيا وإيران، تشكل صورة الصدأ في السفينة "يو إس إس جرين باي" هزيمة ذاتية فهي تضعف التحالفات والشراكات الأمريكية.