من ملتقى صناع التأثير 2024: كيف تروى قصص الإلهام الحقيقية؟

هل تقتصر صناعة التأثير اليوم على ما يدور داخل إطار الشاشات أو عدسات الكاميرات أو مواقع التواصل الاجتماعي، وهل تلاشى تأثير قصص الإلهام الحقيقية؟ من هم صناع التأثير فعلاً، ومتى قد يؤدي المحتوى دوراً إيجابياً ومتى يتحول إلى عامل تأثير سلبي؟
هذه الأسئلة طرحناها على متحدثي وزوار ملتقى صناع التأثير ImpaQ 2024 الأول والأكبر من نوعه في المملكة العربية السعودية والمنطقة، والذي نظمته وزارة الإعلام السعودية وشارك فيه أكثر من ١٥٠٠ متحدث من مختلف أنحاء العالم، شاركوا مع زواره نتاج خبراتهم وسعيهم الدؤوب لترك بصمة في ظل كل هذا التنافس في عالم صناعة المحتوى وبناء الأثر.

هيثم خالد مُنتج وكاتب محتوى ومؤسس ورئيس تنفيذي لشركة "نوافذ"، وعضو لجنة الإعلام الرقمي في "غرفة الرياض"، ويعرف على مواقع التواصل الاجتماعي عبر تقديمه لسلسلة فيديوهات بعنوان "تقارير هيثم".
خلال تواجده في ملتقى صناع التأثير كان لنا حديث خاص مع هيثم خالد قال فيه: "في افتتاح الملتقى تطرق معالي وزير الإعلام لجزئية مهمة جداً، وهي أن ليس كل مؤثر مشهوراً وليس كل مشهور مؤثراً، فصناعة التأثير ليست مقصورة فقط على المحتوى الذي يظهر عبر الشاشات، بل صناعة التأثير قد تكون في سلوك معين أو في اختراع معين يغير ويؤثر في الناس ويوصل أثره لكل أنحاء العالم".
وعن المحتوى الذي يقدمه قال: "نتمنى إن شاء الله أن نكون من صناع التأثير، أنا أصنع محتوى يوعي الناس على المبادرات والبرامج والخدمات الحكومية والتوعوية التي هي موجودة وتنتظر أن يستفيد منها الناس، تخصصنا في هذا المجال، ومع الوقت الحمد لله تولدت عندنا فكرة إضافية اسمها منصة دقيقة وهي عبارة عن منصة فيها سلسلة فيديوهات في مسارات متخصصة: قانون، سفر سياحة، ترفيه، سينما، رياضة، وغيرها من المسارات، بحيث يمكن لأي صانع محتوى أن يستفيد من هذه المنصة ونشر محتوى فيها، والحمد لله كان لنا الشرف اليوم أن وقعنا شراكة مع وزارة الإعلام متمثلة بأكاديمية الإعلام السعودية".
ورداً على سؤال حول كيفية محافظة المحتوى الهادف على موقعه في ظل كل هذا التنافس اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي، أشار خالد: "أعتقد أن المحتوى الهادف يستمر عبر ثلاثة عناصر: على صانع المحتوى أن يعرف جمهوره ويعرف احتياج جمهوره والمجال الذي هو متخصص فيه، ثانياً أن يبسط هذا المحتوى وتقديم المحتوى والكلمات بشكل سلس يتناسب مع الجمهور الذي يخاطبه، والأمر الثالث هو الاختصار، فنحن اليوم في عصر السرعة والناس تريد الحصول على المعلومة بشكل سريع، فمتى ما تحققت هذه العناصر الثلاثة، وصل المحتوى إلى الناس بإذن الله".

الكوتش منال أبو العلا، صاحبة قصة إلهام مميزة، حيث إنها واجهت واقعاً صعباً تمثل بأنها ولدت مع حالة قدم الحنف وأجرت أكثر من 18 عملية جراحية لتتمكن من الوقوف على قدميها، وفي ظل ذلك تمسكت بالرياضة كطوق نجاة، وهي اليوم مدربة رياضية معتمدة.
في بداية حديثها معنا تحدثت منال أبو العلا عن تجربتها بالقول: "بسبب الصعوبات التي مررت بها كانت هناك رسالة أحتاج أن أوصلها للناس، ومع الوقت أدركت أن الرسالة التي أوصلها للناس من خلال صناعة المحتوى هي تجربة جميلة في حياتي تحقق التأثير".
ورداً على سؤال حول متى تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً إيجابياً ومتى تلعب دوراً سلبياً في هذا الموضوع، قالت: "السوشيال ميديا تلعب دوراً إيجابياً طوال الوقت، والآن كل الناس تتابع السوشيال ميديا ولا أحد يتابع التلفزيون، فمحتوى السوشيال ميديا يصل بشكل أسرع وفي أي وقت ومن أي مكان، وهي لغة العالم اليوم..".
وعرفت منال أبو العلا صناع التأثير بأن: "كل أحد لديه رسالة تهم المجتمع هو صانع تأثير، أي أحد لديه معلومة مهمة تفيد المشاهد هو صانع وهو مؤثر بالنسبة لي".
تعرفوا أكثر إلى منال أبو العلا في هذا اللقاء: الأم الحديدية منال أبو العلا: من رحم الألم يولد الأمل..

خالد الشرهان، كاتب وإعلامي ومستشار أسري، له تواجد كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعبر من خلالها عن آراء ووجهات نظره حيال مواضيع مختلفة.
"سيدتي" التقت الشرهان، وتحدث بداية عن تقديره لهذا الملتقى قائلاً: "كلي فخر وكلي سرور بما أراه هنا اليوم"، وأضاف: "اليوم رأيت عدداً كبيراً من صناع التأثير كل على حسب مجاله، صناع التأثير لهم دور في توصيل أفكارهم وكذلك الأمور التي تخص البلد من تطور ومن نهضة ومن تعليم، وتحديث بشكل مستمر وهذا أكثر القائمين عليه هم صناع التأثير، ونحن نفخر فيه".
وتوجه الشرهان في نهاية حديثه بنصيحة لصناع المحتوى قائلاً: "لصناع المحتوى أقول إننا دائماً طماعون ونحن نحتاج منكم الكثير، بدءاً من إبراز الهمة العالية لكل أفراد المجتمع في المملكة العربية السعودية لإيصال هذه الصورة للعالم، وأن نبين لهم التطور والتعليم والأدب الاجتماعي وكرم المملكة والتعامل مع الدول، وهذا يقوم به صناع المحتوى إلى جانب وزارة الإعلام ومختلف الجهات"، وختم بالقول: "نحن نطالبكم بالمزيد لأن هذا من حق بلدكم عليكم، ويجب الاستفادة من أي وسيلة يمكن تطويعها لإيصال الرسالة الشاشات، الإذاعات، مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها..."

الإعلامي محمد الراشد أكد في حديث خاص لـ "سيدتي": "في السابق كنا نعتقد أن السياسيين والإعلاميين والكتاب هم الأكثر تأثيراً، أما اليوم ففي الحقيقة أن مسألة التأثير أصبحت مختلفة تماماً عن السنوات السابقة، اليوم كل شخص بيده جوال ويستطيع أن يصنع خبراً أو يوجد قصة أو محتوى يشد الناس هو مؤثر دون أدنى شك، له يعني قاعدة جماهيرية تلتف حوله وتتابع أعماله لذلك أصبح الأمر مسؤولية".
اليوم أحتفي كما يحتفي جميع الزملاء في هذا الملتقى، نشد على يد وزارة الإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون على إقامة مثل هذه الملتقيات، لتلاقح الأفكار من جهة، لإعطاء أفكار جديدة من جهة أخرى أيضاً، ليتلاقى الجيلان القديم والجديد، كذلك اليوم الأفكار أصبحت متجددة سريعة، لم تعد كما هي في السابق يعني بأدوات بسيطة، لذلك مثل هذه الملتقيات أعتقد أنها تجود العمل، تجود المحتوى وتنشئ جيلاً من المؤثرين أحوج ما نكون له اليوم في ظل هذا الكم الكبير من المعلومات والتسارع خصوصاً في المملكة العربية السعودية في كل الاتجاهات، لذلك نحتاج اليوم الحقيقة مؤثرين يثرون المحتوى المحلي وأيضاً يصلون به إلى العالمية"، وأضاف: "اليوم ما يحدث في السعودية يؤثر في كل أصقاع العالم، لذلك نقله بشكل صحيح وبشكل جميل إبداعي لمختلف الفئات العمرية، أعتقد أن هذا أمر غاية في الأهمية، وأجدد شكري لوزارة الإعلام و لهيئة الإذاعة والتلفزيون على إقامة مثل هذه الملتقيات التي تحتفي بالمؤثرين وأيضاً تصنعهم، إن كانت هناك مواهب تستحق".
ورداً على سؤال حول قصص الإلهام الحقيقية، قال الراشد: "لا شك أن المؤثرين ليسوا واحداً، أو بمستوى احترافي واحد، أو بقصص أو رسالة إعلامية واحدة، هناك من هو مؤثر ينقل قصصاً مهمة ملهمة تؤثر وهناك أقل من ذلك وهناك أيضاً، ولا أستحي من قول ذلك، محتوى تافه، لكن من يقدم محتوى جميلاً فهو يستحق الاهتمام والعناية، وهؤلاء هم من نوصي أولادنا بمتابعتهم".

الإعلامي سعود الخلف شاركنا انطباعاته حيال الملتقى ومن باعتقاده هم صناع التأثير، فقال: "هذا الملتقى جمع النخبة من صناع التأثير، أو بشكل أكثر دقة هو أبرز صناع التأثير الحقيقيين، وللأسف أن السوشيال ميديا فتحت أبوابها للجميع لمن يقدم السمين ومن يقدم الغث، ومن الطبيعي في كل الأزمنة، أن الناس دائماً تتجه بأنظارها إلى الشيء السلبي لمعرفة ما هذا الأمر الذي يقع وأسبابه، لكن حقيقة الناس تبحث عن المعلومة التي تسعدها والتي تغير حياتها".
وأضاف: "صناع التأثير هم الأشخاص الذين يستطيعون أن ينقلوا لك المعلومة بطريقتهم المختلفة ويجعلونك تبحث أيضاً عن تفاصيل أكثر من خلالهم عن هذه المعلومة، صانع التأثير فعلياً هو كل شخص يقدم معلومة دقيقة وصحيحة بمحتوى أو بطريقة سليمة وبشكل يجعلنا نتابع حتى النهاية، ونبحث عن هذا الموضوع، صانع التأثير هو الشخص الذي يقدم المعلومة ولديه تاريخ جميل، لا يحمل تاريخاً سيئاً ويسعى من خلال هذا التاريخ السيىء أن يكون الترند وفق ما هو شائع في الفترة الحالية، وللأسف إنه لا يستطيع الوصول للمستوى الحقيقي للمؤثر، ففعلياً من يريد أن يكون مؤثراً يجب أن يحافظ على تاريخه حتى يرى مستقبلاً مشرقاً".

ليندا الفيصل، ممثلة موهوبة وراقصة باليه، مقدمة بودكاست "ليندا ورؤية 2030"، من الشخصيات الشابة التي استخدمت منصاتها لنقل محتوى إيجابي وهادف.
وخلال تواجدها في الملتقى قالت لـ "سيدتي" في حديث خاص: "هذا النوع من الفعاليات يدعم رؤية 2030، وأنا أدعم رؤية 2030، لذلك سعيدة بتواجدي فيه". واعتبرت الفيصل أن صناع الأثر "هو من يعلموننا أشياءً نحن ينبغي أن نتعلمها، هم أصحاب خبرة أكثر في مجالات نحن لا نعرفها، وهم أشبه بأجدادنا ونحن نتعلم منهم".
وعن تواجدها عبر السوشيال ميديا قالت: "أحاول إيصال أفضل رسالة أو رسائل هادفة وبالأخص لجيل الشباب، الجيل الذهبي، بأمور يستفيدون منها، وموجودة ضمن رؤية 2030، كمواضيع التكنولوجيا المبتكرة وتنويع الاقتصاد وأمور أخرى كثيرة".
وأشارت ليندا إلى أن هناك الكثير من الشخصيات التي ترغب بالالتقاء بها ضمن الملتقى.

ملتقى صناع التأثير ImpaQ، حدث يعد الأول من نوعه في المملكة العربية السعودية والمنطقة، أقيم في قاعة ميادين الدرعية بالرياض، على مدار يومي الـ 18 والـ 19 من ديسمبر الجاري 2024، جامعاً نخبة من المؤثرين والخبراء في جميع المجالات والتخصصات، ومشكلاً منصة مميزة لصناع المحتوى الرقمي من مختلف دول العالم. وتميز الملتقى إلى جانب موضوعه، ببرنامج ضخم شمل عشرات الفعاليات والأنشطة التي تدعم تطلعات المؤثرين والعاملين في القطاعات ذات الصلة، ضمن 14 مساراً مختلفاً لمناقشة واقع التأثير وتشمل نمط الحياة، الرياضات الإلكترونية، صناعة المحتوى، الرياضة، التقنية، الإعلام والاتصال، الذكاء الاصطناعي، الصحة، الثقافة، الترفيه، والفنون، السياحة، الاقتصاد، والبيئة والاستدامة.
برنامج الملتقى الذي قدم فعالياته لمدة 12 ساعة يومياً، توزع على 7 مناطق على مساحة 23 ألف متر مربع، وتشمل تلك المناطق منصة الاتفاقيات، مساحة الإلهام وتضم مسرح الابتكار، مساحة التأثير وتضم مسرح عروضTED، المعمل ويضم المسرح وورش العمل، الاستوديو التفاعلي، منطقة البث الحي، ومنطقة المطاعم.
لقطات من الحدث

اقرأوا أيضاً: من ملتقى صناع التأثير الدكتور هاني نجم: ليس كل ذكي مبدعاً ومؤثراً